آل بيت النبي أنتم ودادي
في حياتي، وعدتي ولمعادي
ما تزودت للقيامة إلا
صفو ودي لكم وحسن اعتقادي
أيها الإخوة المؤمنين الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم وأنتم معنا في لقاء آخر مع الحسين أبي عبد الله عليه السلام.
إخوتنا الأعزة.. كل يموت، ولابد أن يموت، لا مفر من ذلك، وهو الأجل المحتوم، كما هو البلاء الذي يستعد له العقلاء، ويناجون ربهم بعد كل صلاة ليل: "مولاي يا مولاي، أي الأهوال أتذكر وأيها أنسى، ولو لم يكن إلا الموت لكفى، كيف وما بعد الموت أعظم وأدهى؟!"
أجل – إخوتنا الأفاضل – سنموت، ولكن هل فكرنا كيف ينبغي أن نموت، وعلى أية حالة يجب أن نموت؟
وقد روى الزمخشري – وهو من علماء السنة – في تفسيره (الكشاف)، وكذا الفخر الرازي في تفسيره الكبير عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
ألا من مات على حب آل محمد مات شهيداً."
وبسند آخر عنه – صلى الله عليه وآله -: " من مات على حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد فتح في قبره بابان من الجنة، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة... ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً على عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة" .
إخوتنا الأعزة الأفاضل,, إن الوفاة على حب آل محمد صلوات الله عليه وعليهم، لها مقدمات وتمهيدات، ومنها محبة الإمام الحسين عليه السلام وولاؤه، والبكاء على مصائبه، والكون معه في الحياة الدنيا إعتقاداً بإمامته، وطاعةً وتسليماً لوصاياه، وإقامةً لمأتمه وزيارة لمرقده، وتوصية أن تبقى الرابطة معه عند الموت والتشييع، وفي مراسم التكفين والدفن، فتكون له مع الإمام الحسين عليه السلام، ذكريات ورموز، كأن يوصي بأن تكتب أسماء الأئمة – ومنها إسم الحسين – على كفنه وأن يدفن إلى جوار الإمام الحسين، وأن يجعل معه في قبره قطعة من تربة أبي عبد الله الحسين، حيث يكون له أماناً في برزخه، كذا أن يوضع في فمه قبيل الدفن فص عقيق كتب عليه "لا إله إلا الله ربي، محمد نبييّ، علي والحسن والحسين – إلى آخر أسمائهم المباركة – أئمتي"
وأن يلقن بالشهادتين "التوحيد والنبوة ثم بالولاية للأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين" ومنهم السبط الشهيد أبوعبد الله الحسين سلام الله عليه.
وتلك – أيها الأحبة – من أسباب الرحمة والنجاة، بل من أسباب الفوز والفلاح، بعد أن كان ذلك الموالي من زوار الإمام أبي عبد الله سيد الشهداء عليه السلام، ففيما روي عنهم صلوات الله عليهم: "من زارني زرته بعد موته" وأي زيارة تلك يا ترى إذا تلطف بها الإمام الحسين عليه السلام على من أوحشته الوحدة في القبر وضاق به البرزخ، فيشعر بعدها بالروح والسعة والأنس والأمان، أما إذا كان ممن توفي في طريق زيارته لسيد شباب أهل الجنة، فإن البشارة أمامه، حيث يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "تشيعه الملائكة.. ويفتح له باب من الجنة إلى قبره، ويدخل عليه روحها وريحانها حتى تقوم الساعة". وأما من قتل في سبيل الإمام الحسين عليه السلام فإنه – كما بشر الإمام الصادق - عليه السلام – أيضاً: "يوسع في قبره، ويوضع له مصابيح في قبره، ويفتح له باب من الجنة "وفي رواية أن الموالي ذاك "تأتيه الملائكة بالتحف من الجنة".
مستمعينا الأفاضل.. ونتيجة لهذه الكرامة خص بها الله عزوجل زوار الحسين – عليه السلام – فقد أصبحت خدمتهم من الوسائل المهمة التي يتقرب بها المؤمنون إلى الله عزوجل وقد شاعت هذه الخدمة كظاهرة واسعة الإنتشار تعبر عن عميق التفاعل الوجداني مع الملحمة الحسينية.
عن هذه الظاهرة يحدثنا مشكوراً سماحة الشيح محمود السيف الباحث الإسلامي من قم المقدسة، نستمع معاً؛
تقبل الله من سماحة الشيخ محمود السيف هذه التوضيحات وتقبل الله منكم أعزاءنا المستمعين جميل المتابعة للحلقة الثامنة عشر والأخيرة من برنامجكم (الحسين في الوجدان).
نتابع تقديمها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وموضوعها هو آثار التفاعل الوجداني مع الملحمة الحسينية في النجاة من أهوال الآخرة.
إخوتنا الأكارم.. إن بعد البرزخ حشراً رهيباً تبكي منه العيون، لكن الإمام الصادق عليه السلام هكذا يقول: "ما من عبد يحشر إلّا وعيناه باكية، إلّا الباكي على جدي الحسين عليه السلام، فإنه يحشر وعينه قريرة، والبشارة تلقاه والسرور على وجهه والخلق في الفزع".
وقبل ذلك بشر جده رسول الله - صلى الله عليه وآله – كما يروي العلامة المجلسي في (بحار الأنوار) أنه قال: "إن كل عين باكية يوم القيامة لشدة من الشدائد، إلّا عيناً بكت على الحسين، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة".. بل جاء عن الإمام الصادق سلام الله عليه: أن من شرب الماء فذكر الحسين – كأن صلى عليه – ولعن قاتله، حشره الله يوم القيامة ثلج الفؤاد.
كذلك – أيها الإخوة الأحبة – جاءت الروايات الشريفة تذكر الروايات، أن زائر الحسين على خوف ووجل يكون ممن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وآله ويصافحه غداً، وأن يكون له شرف معلى يذكره لنا الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه قائلاً لإبن شبيب: "يا ابن شبيب، إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا".
ثم هنالك ضمان نبوي، روايته: "حق علي أن أزور من زاره – أي زار الحسين عليه السلام – فآخذ بعضده فأنجيه من أهوال يوم القيامة وشدائدها حتى أصيره في الجنة".
وشرف آخر يبشر به حديث صادقي، روايته: "الخلق – أي في الحشر – في الفزع، وهم – أي الباكون على الحسين – آمنون والخلق يعرضون وهم – أي الموالون للحسين – حداث الحسين عليه السلام تحت العرش وفي ظل العرش لا يخافون سوء الحساب، يقال لهم: أدخلوا الجنة، فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وإن الحور لترسل إليهم: إنا اشتقناكم مع الولدان المخلدين، فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم من السرور والكرامة".
أجل – أيها الأحبة – لأنهم كانوا مع الحسين وأحبوا الحسين ووالوه وبكوا عليه وثبتوا على ولاية الحسين، ووفقوا بعد ذلك أن يخلدوا منعمين مكرمين مع الحسين ’’صلوات الله على الحسين’’.