من كتاب له عليه السلام إلى عبدالله بن العباس
أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّ الْمَرْءَ لَيَفْرَحُ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ، وَيَحْزَنُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، فَلاَ يَكُنْ أَفْضَلَ مَا نِلْتَ في نَفْسِكَ مِنْ دُنْيَاكَ، بُلُوغُ لَذَّة، أَوْ شِفَاءُ غَيْظ، وَلكِنْ إطْفَاءُ بِاطِل أَوْ إِحْيَاءُ حَقٍّ، وَلْيَكُنْ سُرورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ، وَأَسَفُكَ عَلَى مَا خَلَّفْتَ، وَهَمُّكَ فِيَما بَعْدَ الْموْتِ.
ومن كتاب له عليه السلام إلى سلمان الفارسي رحمه الله قبل أيام خلافته
أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ الْحَيَّةِ: لَيِّنٌ مَسُّهَا، قَاتِلٌ سُمُّهَا، فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا، لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكَ مِنْهَا، وَضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا، لِمَا أَيْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا، وَتَصَرُّفِ حَالاَتِهَا، وَكُنْ آنَسَ مَا تَكُونُ بِهَا، أَحْذَرَ مَا تَكُونَ مِنْهَا، فَإِنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمأَنَّ فِيهَا إِلَى سُرُور، أشْخْصَتْهُ عَنْهُ إِلىَ مَحْذُور، أوْ إِلَى إِينَاسٍ أَزالَهُ عَنْهُ إِيحَاشٌ، والسَّلام.
وَقَالَ سلام الله عليه: أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اِسْتَشْعَرَ اَلطَّمَعَ، ورَضِيَ بِالذُّلِّ، مَنْ كَشَفَ عّنْ ضُرَّهُ، وهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ.
ومن كتاب له عليه السلام إلى عبدالله بن العباس
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِسَابِقٍ أَجَلَكَ، وَلاَ مَرْزوُقٍ مَا لَيْسَ لَكَ، وَاعْلَمْ بِأنَّ الدَّهْرَ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ، وَأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ دُوَل، فَمَا كَانَ مِنْهَا لَكَ أَتَاكَ عَلَى ضَعْفِكَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا عَلَيْكَ، لَمْ تَدْفَعْهُ بقُوَّتِكَ.