الخطبة ۱۸۷: وهي في ذكر الملاحم أَلاَ بِأَبِي وَأُمِّي، هُمْ مِنْ عِدَّةٍ أَسْمَاؤُهُمْ فِي السَّماءِ مَعْرُوفَةٌ وَفِي الاَْرْضِ مَجْهُولَةٌ، أَلاَ فَتَوَقَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ، وَانْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ، وَاسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ، ذاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَى الْمُؤْمِنِ،
أَهْوَنَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّهِ، ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ المُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ الْمُعْطِي، ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ غَيْرِ شَرَاب، بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ والنَّعِيمِ، وَتَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَار، وَتَكْذِبُونَ مِنْ غيْرِ إِحْرَاج، ذَاكَ إِذَا عَضَّكُمُ الْبَلاَءُ كَمَا يَعَضُّ الْقَتَبُ غَارِبَ الْبَعيرِ، مَا أَطْوَلَ هذَا الْعَنَاءَ، وَأَبْعَدَ هذا الرَّجَاءَ، أَيُّهَا النَّاسُ، أَلْقُوا هذِهِ الاَْزِمَّةَ الَّتِي تَحْمِلُ ظُهُورُهَا الاَثْقَالَ مِنْ أيْدِيكُمْ، وَلاَ تَصَدَّعُوا عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ، وَلاَ تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ الْفِتْنَةِ، وأَمِيطُوا عَنْ سَنَنِهَا، وَخَلُّو قَصْدَ السَّبِيلِ لَهَا، فَقدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي لَهَبِهَا الْمُؤْمِنُ، وَيَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِ، إِنَّمَا مَثَلي بَيْنَكُمْ كَمَثَلُ السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ، يَسْتَضِيءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا، فَاسْمَعَوا أَيُّهَا النَّاسُ وَعُوا، وَأَحْضِروا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا.
الخطبة ۱۸۸: في الوصية بأمور
منها التقوى:
أُوصِيكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، بِتَقْوَى اللهِ وَكَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلَى آلاَئِهِ إِلَيْكُمْ، وَنَعْمَائِهِ عَلَيْكُمْ، وَبَلاَئِهِ لَدَيْكُمْ،
فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ، وَتَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ، أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ، وَتَعَرَّضْتُمْ لاَِخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ.
وفيها عن الموت:
وَأُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَإِقْلاَلِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، وَكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ، وَطَمَعُكُمْ فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ، فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ، حُمِلُوا إلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبِينَ، وَأُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً، وَكَأَنَّ الاخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً، أَوْحَشوُا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ، وَأَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ، وَاشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا، وَأَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ انْتَقَلُوا، لاَ عَنْ قَبِيح يَسْتَطِيعُونَ انْتِقَالاً، وَلاَ فِي حَسَنٍ يَسْتَطِيعُونَ ازْدِيَاداً، أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغرَّتْهُمْ، وَوَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ.
فَسَابِقُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ، إِلَى مَنَازِلِكُمْ الَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا، وَالَّتِي رُغِّبْتُمْ فِيهَا، وَدُعِيتُمْ إِلَيْهَا، وَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالْـمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ، فَإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ، مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِي الْيَوْمِ، وَأَسْرَعَ الاَْيَّامَ فِي الشَّهْرِ، وَأَسْرَعَ الشُّهُورَ فِي السَّنَةِ، وَأَسْرَعَ السِّنِينَ فِي الْعُمُرِ.
ومن الكلمات القصار لاميرالمؤمنين علي عليه السلام:
مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ اَلسَّفَرِ اِسْتَعَدَّ.