كل منها أسس حضارة .. صنع إنسانا.. نصر فكرا.. غاص في عمق الضمير .. واستقر في قعر الوجدان...! ترجمته عواطف المحبين ! وامتزج مع مشاعر العاشقين !
الحسين أهزوجة الاحرار... وعلم الثوار.. ومنبع الاسرار...! تجسد للانسانية جمعاء نورا مشعا اخترق حاجز الظلام واستقر عِبرة وعَبرة !، عِبرة لكل من رام الرقي المعنوي وبلوغ المنى...وعَبرة لكل من فقد الحبيب وأفترش الثرى....!
عندما أقصد الحسين السبط لاأقصده قبرا ...! إنما أقصده قبلة ...! يتردد صداه على شفا كل القاصدين .. وحروفه تتراقص على أنغام العاشقين...، أتساءل مع نفسي عن مكنون سر هذا العشق عبر القرون؟
فيأتيني النداء الخفي... أن للحسين حرارة في قلوب المؤمنين لاتخمد أبدا مهما تطاولت القرون ومضت السنين.....!، إنه قول الوحي على لسان الحبيب النبي ... يبزغ مع كل فجر ندي... ويستقر عند الليل في قلب كل ولي...!
لقد علمني السبط الشهيد أن حياة الذل والهوان لاقيمة لها ...بل هي برما فاقدة لكل معنى.... وأن السعادة هي الحياة الحقيقية... وبدايتها هي الموت بعز وشرف وشموخ...!، ... فحياة الذل تُفنى.. وحياة العز تبقى ... وهذه سنة الله في الكون.....!
(والله إني لاأرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما...!)، قالها الحسين عليه صلوات ربي ومضى عليها ... فرسم لوحة للاجيال كل الاجيال يعلوها شعار الاحرار في كل زمان ومكان ....!
كل عام تتجدد الذكرى ويتجدد معه الولاء الصادق والعهد مع سيد الشهداء الحسين بن على عليهما السلام في ذكرى اربعينيته .. حيث تتجه الجموع المليونية من جميع مدن ومحافظات العراق وخارجه نحو قبلة المجد والخلود كربلاء المقدسة حيث المرقد الطاهر لسيد الشهداء السبط وأخيه ابي الفضل العباس عليه السلام...!
هذا الماراثون المليوني الكبير وما يرافقه من كرم وعطاء حسيني تقدمه المواكب الحسينية المنتشرة على طول الطرق المؤدية الى كربلاء ومن كل الاتجاهات إن دل على شي فأنما يدل على الايمان الكبير والولاء الصادق لابي عبد الله الحسين عليه السلام الذي أفرز بدوره هذا الانسجام وولد الوحدة والتكاتف ووطد روح الاخوة وزرع الالفة والمحبة بين اتباع اهل البيت لاسيما بين الشعبين العراقي والايراني.. وذلك بالرغم من تكالب الاعداء ومؤامراتهم لزرع الفتنة والشقاق بين اتباع مدرسة الحسين الشهيد في ايران والعراق.!
اللقاء المليوني السنوي لعشاق الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة من كل عام واحياء ذكرى استشهاده وأربعينيته يبعث برسالة واضحة الى كل العالم لاسيما أولئك الحاقدين والمناوئين بأن الحسين سر الله الاكبر لايمكن أن تخمد جذوة حبه مهما اشتدت المحن وتفاقمت الازمات ..!
أربعين الامام الحسين عليه السلام انطلاقة مهمة للتغيير الذاتي والمجتمعي ومشروعا كبيرا لشخذ الهمم والطاقات وضرورة توظيفها وترشيدها بما يخدم الامة ويقود الى وحدتها قبال العدو المشترك الذي يهدد كيان المسلمين جميعا ودينهم ووحدتهم واستقلالهم .. بعد ان لعبت بهم يد الاستكبار الصهيوأمريكي وعملائهم في المنطقة ومزقتهم شر ممزق...!
لازال أبو الشهداء والاحرار الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ينادينا من عمق الضمير والوجدان ... أيها المسلم الغيور على دينه وعرضه ووطنه: إذا خيروك بين السلة والذلة وانت تعلم ان عزتك في موتك فقل بكل ثقة وقوة وثبات ((هيهات منا الذله.... !)) فانها بداية السعادة في عيش كريم وحياة عز خالدة قرب رب رؤوف رحيم.
طارق الخزاعي - إذاعة طهران