قال عليه السلام:
الْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْوَاصِلِ اَلْحَمْدَ بِالنِّعَمِ، واَلنِّعَمَ بِالشُّكْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى آلاَئِهِ، كَمَا نَحْمَدُهُ عَلَى بَلاَئِهِ، ونَسْتَعِينُهُ عَلَى هَذِهِ اَلنُّفُوسِ اَلْبِطَاءِ عَمَا أُمِرَتْ بِهِ، اَلسِّرَاعِ إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْهُ، ونَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وأَحْصَاهُ كِتَابُهُ، عِلْمٌ غَيْرُ قَاصِرٍ، وكِتَابٌ غَيْرُ مُغَادِرٍ، ونُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ عَايَنَ اَلْغُيُوبَ، ووَقَفَ عَلَى اَلْمَوْعُودِ، إِيمَاناً نَفَى إِخْلاَصُهُ اَلشِّرْكَ، ويَقِينُهُ اَلشَّكَّ، ونَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ اَلْقَوْلَ، وتَرْفَعَانِ اَلْعَمَلَ، لاَ يَخِفُّ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ، ولاَ يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اَللَّهِ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّتِي هِيَ اَلزَّادُ وبِهَا اَلْمَعَاذُ، زَادٌ مُبَلِّغٌ، ومَعَاذٌ مُنْجِحٌ، دَعَا إِلَيْهَا أَسْمَعُ دَاعٍ، ووَعَاهَا خَيْرُ وَاعٍ، فَأَسْمَعَ دَاعِيهَا، وفَازَ وَاعِيهَا، عِبَادَ اَللَّهِ، إِنَّ تَقْوَى اَللَّهِ حَمَتْ أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ مَحَارِمَهُ، وأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَهُ، حَتَّى أَسْهَرَتْ لَيَالِيَهُمْ، وأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ، فَأَخَذُوا اَلرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ، واَلرِّيَّ بِالظَّمَإِ، واِسْتَقْرَبُوا اَلْأَجَلَ، فَبَادَرُوا اَلْعَمَلَ، وكَذَّبُوا اَلْأَمَلَ، فَلاَحَظُوا اَلْأَجَلَ، ثُمَّ إِنَّ اَلدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وعَنَاءٍ، وغِيَرٍ وعِبَرٍ، فَمِنَ اَلْفَنَاءِ أَنَّ اَلدَّهْرَ مُوَتِّرٌ قَوْسَهُ، لاَ تُخْطِئُ سِهَامُهُ، ولاَ تُؤْسَى جِرَاحُهُ، يَرْمِي اَلْحَيَّ بِالْمَوْتِ، واَلصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ، واَلنَّاجِيَ بِالْعَطَبِ، آكِلٌ لاَ يَشْبَعُ، وشَارِبٌ لاَ يَنْقَعُ، ومِنَ اَلْعَنَاءِ أَنَّ اَلْمَرْءَ يَجْمَعُ مَا لاَ يَأْكُلُ، ويَبْنِي مَا لاَ يَسْكُنُ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى، لاَ مَالاً حَمَلَ، ولاَ بِنَاءً نَقَلَ، ومِنْ غِيَرِهَا، أَنَّكَ تَرَى اَلْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً، واَلْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً، لَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ نَعِيماً زَلَّ، وبُؤْساً نَزَلَ، ومِنْ عِبَرِهَا، أَنَّ اَلْمَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى أَمَلِهِ، فَيَقْتَطِعُهُ حُضُورُ أَجَلِهِ، فَلاَ أَمَلٌ يُدْرَكُ، ولاَ مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَغَرَّ سُرُورَهَا، وأَظْمَأَ رِيَّهَا، وأَضْحَى فَيْئَهَا، لاَ جَاءٍ يُرَدُّ، ولاَ مَاضٍ يَرْتَدُّ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَقْرَبَ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ لِلَحَاقِهِ بِهِ، وأَبْعَدَ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ لاِنْقِطَاعِهِ عَنْهُ.