يقول عليه السلام:
حَتَّى إِذَا بَلَغَ اَلْكِتَابُ أَجَلَهُ، واَلْأَمْرُ مَقَادِيرَهُ، وأُلْحِقَ آخِرُ اَلْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ، وجَاءَ مِنْ أَمْرِ اَللَّهِ مَا يُرِيدُهُ مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِهِ، أَمَادَ اَلسَّمَاءَ وفَطَرَهَا، وأَرَجَّ اَلْأَرْضَ وأَرْجَفَهَا، وقَلَعَ جِبَالَهَا ونَسَفَهَا، ودَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ، ومَخُوفِ سَطْوَتِهِ، وأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهِمْ، وجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُقِهِمْ، ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُهُ مِنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، عَنْ خَفَايَا اَلْأَعْمَالِ، وخَبَايَا اَلْأَفْعَالِ، وجَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ، أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلاَءِ واِنْتَقَمَ مِنْ هَؤُلاَءِ، فَأَمَّا أَهْلُ اَلطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ، وخَلَّدَهُمْ فِي دَارِهِ، حَيْثُ لاَ يَظْعَنُ اَلنُّزَّالُ، ولاَ تَتَغَيَّرُ بِهُمُ اَلْحَالُ، ولاَ تَنُوبُهُمُ اَلْأَفْزَاعُ، ولاَ تَنَالُهُمُ اَلْأَسْقَامُ، ولاَ تَعْرِضُ لَهُمُ اَلْأَخْطَارُ، ولاَ تُشْخِصُهُمُ اَلْأَسْفَارُ.
وأَمَّا أَهْلُ اَلْمَعْصِيَةِ:
فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَارٍ، وغَلَّ اَلْأَيْدِيَ إِلَى اَلْأَعْنَاقِ، وقَرَنَ اَلنَّوَاصِيَ بِالْأَقْدَامِ، وأَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ اَلْقَطِرَانِ، ومُقَطَّعَاتِ اَلنِّيرَانِ، فِي عَذَابٍ قَدِ اِشْتَدَّ حَرُّهُ، وبَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهِ، فِي نَارٍ لَهَا كَلَبٌ ولَجَبٌ ولَهَبٌ سَاطِعٌ وقَصِيفٌ هَائِلٌ، لاَ يَظْعَنُ مُقِيمُهَا، ولاَ يُفَادَى أَسِيرُهَا، ولاَ تُفْصَمُ كُبُولُهَا، لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَى، ولاَ أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضَى.
ومنها في ذكر النبي صلى الله عليه وآله:
قَدْ حَقَّرَ اَلدُّنْيَا وصَغَّرَهَا، وأَهْوَنَ بِهَا وهَوَّنَهَا، وعَلِمَ أَنَّ اَللَّهَ زَوَاهَا عَنْهُ اِخْتِيَاراً، وبَسَطَهَا لِغَيْرِهِ اِحْتِقَاراً، فَأَعْرَضَ عَنِ اَلدُّنْيَا بِقَلْبِهِ، وأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِهِ، وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ، لِكَيْلاَ يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً، أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مُقَامًا، بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ مُعْذِراً، ونَصَحَ لِأُمَّتِهِ مُنْذِراً، ودَعَا إِلَى اَلْجَنَّةِ مُبَشِّراً، وَخَوَّفَ مِنَ النَّارِ مُحَذِّراً.
ومنها في ذكر أهل البيت عليهم السلام:
نَحْنُ شَجَرَةُ اَلنُّبُوَّةِ، ومَحَطُّ اَلرِّسَالَةِ، ومُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، ومَعَادِنُ اَلْعِلْمِ، ويَنَابِيعُ اَلْحُكْمِ، نَاصِرُنَا ومُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ اَلرَّحْمَةَ، وعَدُوُّنَا ومُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ اَلسَّطْوَةَ.