الخطبة ۹۸: من كلام له عليه السلام يشير فيه إلى ظلم بني أمية
وَاَللَّهِ لاَ يَزَالُونَ حَتَّى لاَ يَدَعُوا لِلَّهِ مُحَرَّماً إِلاَّ اِسْتَحَلُّوهُ، ولاَ عَقْداً إِلاَّ حَلُّوهُ، وحَتَّى لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ ولاَ وَبَرٍ إِلاَّ دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ، ونَبَا بِهِ سُوءُ رَعْيِهِمْ، وحَتَّى يَقُومَ اَلْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ، بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِهِ، وبَاكٍ يَبْكِي لِدُنْيَاهُ، وحَتَّى تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ، كَنُصْرَةِ اَلْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ، إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ، وإِذَا غَابَ اِغْتَابَهُ، وحَتَّى يَكُونَ أَعْظَمُكُمْ فِيهَا عَنَاءً أَحْسَنَكُمْ بِاللَّهِ ظَنّاً، فَإِنْ أَتَاكُمُ اَللَّهُ بِعَافِيَةٍ فَأَقْبِلُوا، وإِنِ اُبْتُلِيتُمْ فَاصْبِرُوا، فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.
الخطبة ۹۹: يقول عليه السلام في التزهيد من الدنيا
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ، ونَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ، ونَسْأَلُهُ اَلْمُعَافَاةَ فِي اَلْأَدْيَانِ، كَمَا نَسْأَلُهُ اَلْمُعَافَاةَ فِي اَلْأَبْدَانِ، عِبَادَ اللَّهِ، أُوصِيكُمْ بِالرَّفْضِ لِهَذِهِ اَلدُّنْيَا اَلتَّارِكَةِ لَكُمْ، وإِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا، واَلْمُبْلِيَةِ لِأَجْسَامِكُمْ، وإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا، فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ ومَثَلُهَا كَسَفْرٍ، سَلَكُوا سَبِيلاً، فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ، وأَمُّوا عَلَماً، فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ، وكَمْ عَسَى اَلْمُجْرِي إِلَى اَلْغَايَةِ أَنْ يُجْرِيَ إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا، ومَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لاَ يَعْدُوهُ، وطَالِبٌ حَثِيثٌ مِنَ اَلْمَوْتِ يَحْدُوهُ، ومُزْعِجٌ فِي اَلدُّنْيَا حَتَّى يُفَارِقَهَا رَغْماً، فَلاَ تَنَافَسُوا فِي عِزِّ اَلدُّنْيَا وفَخْرِهَا، ولاَ تُعْجَبُوا بِزِينَتِهَا ونَعِيمِهَا، ولاَ تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وبُؤْسِهَا، فَإِنَّ عِزَّهَا وفَخْرَهَا إِلَى اِنْقِطَاعٍ، وإِنَّ زِينَتَهَا ونَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ، وضَرَّاءَهَا وبُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ، وكُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى اِنْتِهَاءٍ، وكُلُّ حَيٍّ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ، أَ ولَيْسَ لَكُمْ فِي آثَارِ اَلْأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ، وفِي آبَائِكُمُ اَلْمَاضِينَ تَبْصِرَةٌ ومُعْتَبَرٌ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ، أَ ولَمْ تَرَوْا إِلَى اَلْمَاضِينَ مِنْكُمْ لاَ يَرْجِعُونَ، وإِلَى اَلْخَلَفِ اَلْبَاقِينَ لاَ يَبْقُونَ، أَ ولَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ اَلدُّنْيَا يُصْبِحُونَ ويُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى، فَمَيِّتٌ يُبْكَى، وآخَرُ يُعَزَّى، وصَرِيعٌ مُبْتَلَى، وعَائِدٌ يَعُودُ، وآخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ، وطَالِبٌ لِلدُّنْيَا، واَلْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وغَافِلٌ، ولَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ، وعَلَى أَثَرِ اَلْمَاضِي، مَا يَمْضِي اَلْبَاقِي، أَلاَ فَاذْكُرُوا هَادِمَ اَللَّذَّاتِ، ومُنَغِّصَ اَلشَّهَوَاتِ، وقَاطِعَ اَلْأُمْنِيَّاتِ، عِنْدَ اَلْمُسَاوَرَةِ لِلْأَعْمَالِ اَلْقَبِيحَةِ، واِسْتَعِينُوا اَللَّهَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ حَقِّهِ، ومَا لاَ يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِهِ وإِحْسَانِهِ.