المرحوم والدنا كان مصاباً بعارضٍ في عينه أدى إلى فقدانه لبصره. كانت عينه لا ترى شيئاً طوال ثلاث أو أربع أعوام. إلى أن أخذناه عام ١٩٦٦ مرات عديدة من مشهد إلى طهران بغرض العلاج. وفي إحدى المرات، قال لنا طبيب عيون: "سوف أجري عملية لعينه وهناك أملٌ بالتحسن." كانت هذه القضية مهمة جداً بالنسبة إلي. فأخذناه أخيراً إلى المستشفى. كنا أنا وأخي -السيد محمد- سوية. وكان المرحوم والدنا مضطرباً بعض الشيء من المشفى والفحص على سبيل المثال ومثل هذه الأمور. فلم يكن قد رأى مثل هذه الأمور في حياته. أجبرنا على تركه وحيداً. في ذلك الزمان كان عمره حوالي الخمس وسبعين عاماً.
على كل حال لم يسمحوا لنا بالبقاء في المشفى. قالوا لنا: "سوف نجري العملية، وتعاليا أنتما في الغد". خرجنا من المشفى. كنت قلقاً ومنزعجاً للغاية. انفصلت عن أخي؛ ذهب هو لإنجاز أعماله ثم اتجهت أنا نحو المنزل. في تلك الأيام كنا نملك بيتاً قريباً من مقام السيد يحيى (من احفاد الأئمة المعصومين و مقامه يقع في جنوب مدينة طهران) ما إن أصبحت قريباً من المنزل حتى تذكرت أن علي شراء حليب من دكان الألبان والأجبان لابني. انتبهت إلى أنهم قد زينوا ذلك المكان بالأضواء، فتذكرت أنه النصف من شعبان. لشدة انشغالي على مدى أيام، كنت قد نسيت كلياً أنه النصف من شعبان. ما إن تذكرت أن منتصف شعبان قد حل حتى انكسر قلبي. كنت أعبر زقاقاً ضيقاً وخالياً من المارة متجهاً إلى منزلي، حتى شعرتُ بحالٍ معينة وهممت بالتوسل والبكاء. في ذلك الزقاق شعرتُ بحال من التوسل الشديد.
بعد أن هدأتُ قليلاً، لاحظت أن القلق الذي انتابني زال كلياً. فأدركتُ أن وضع أبي سيتحسن. أي شعرتُ بأن ذاك التوسل قد ترك تأثيره. لم يكن وضع أبي مساعداً في تلك الأعوام الثلاثة وتألمت كثيراً في تلك الفترة. لقد أُجبرت حينها على ترك قم والتوجه إلى مشهد لأجل سماحته والمكوث هناك. صباح اليوم التالي ذهبنا إلى المشفى وأدركنا أن وضع عيناه تحسن؛ وذلك بعد عدة أعوام من الابتلاء وعدم وجود أملٍ في التحسن! بعد ذلك العام -عام ١٩٦٦- عاش سماحته عشرين عاماً أخرى وكان يطالع حتى آخر لحظة من حياته!
~الإمام الخامنئي ١٦/٤/١٩٩٦