بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة علي رسول الله وأهل بيته الأطهار .. أحبة القران الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ها نحن معكم ضمن حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة لنواصل الحديث في ايات أخرى من سورة غافرالمباركة و هي الايات 21 -25 و البداية مع الانصات إلى تلاوة الايتين 21و22 منها:
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن وَاقٍ ﴿٢١﴾
ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ ۚ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٢٢﴾
الآيات التي بين أيدينا تتحدث عن أحوال الأمم الظالمة السابقة ومنهم الفراعنة وما حلّ بهم من جزاء أليم، وتدعوا الناس للإعتبار بمصير أولئك. إنّ الذي تحكيه الآيات وتدعونا للإعتبار به ليس تأريخاً مدوناً نستطيع أن نشكّك في طبيعة الوثائق والنصوص المكوّنة له، وإنّما هو تأريخ حي ينطق عن نفسه، فهذه قصور الظالمين الخربة، وماتركوه من جنات وعيون، وهذه مدن الأشقياء التي نزل بساحتها العذاب والإنتقام الإلهي، وها هي عظامهم النخرة التي يطويها التراب، والقصور المدفونة تحت الأرض ... ها هي كلّها تحكي عظة الدرس، وعظيم العبرة، خصوصاً وأنّ القرآن يزيدنا معرفةٌ بهؤلاء فيقول إنهم كانوا يملكون سلطات قوية، وجيوش عظيمة، ومدنا باهرة لكن عاقبة هؤلاء القوم، بكل ما انطوت عليه حياتهم من مظاهر قوّة وحياة ونماء، فلم تنفعهم كثرتهم ولم تمنعهم أموالهم وقدرتهم وشوكتهم من العذاب الإلهي عندما نزل بساحتهم. فلم يكن كفرهم وذنوبهم بسبب عدم إتمام الحجّة عليهم، فلقد كانت تأتيهم رسلهم تترا، إلاّ أنّهم لم يخضعوا للأوامر الإلهية، بل كانوا يحطمون مصابيح الهداية، ويديرون ظهورهم للرسل، وكانوا - أحياناًـ يقتلونهم!وحينئذ: (أخذهم الله) وعاقبهم أشدّ العقاب - (إنّه قوي شديد العقاب). إذ هو في مواطن الرأفة أرحم الراحمين وفي مواضع الغضب أشد المعاقبين.
ترشدنا الايتان إلى تعاليم منها:
- إن القران يؤكد أن السفر والسياحة الهادفة تُستلهم منها العبر والعظات.
- إن دراسة تأريخ الأقوام الماضية أمر ضروري لمعرفة الأسلوب الحياة الطيبة .
- ينبغي ان لا تغتر الدول بما تتمتع به من امكانيات اقتصادية أو علمية أو صناعية فهي لا شيئ أمام إرادة الله تعالى.
- لا تتحقق العقوبة الإلهية في الآخرة فحسب فالدنيا أيضا تشهد معاقبة الظالمين أيضا.
- إن الله لا يعذب أحدا إلا بعد أن أتم عليه الحجة .
و الان نستمع معا إلى تلاوة الايتين 23 و 24من سورة غافر:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿٢٣﴾
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴿٢٤﴾
تشير هذه الايات إلى نموذج تاريخي تجلى فيه القهر و الغضب الإلهييان حيث يقول تعالى (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين).و السلطان المبين هو الدليل الواضح القوي الذي يؤدي إلى السلطة الواضحة . إنّ موسى(ع) كان يمزج بين منطق العقل، وبين الأعمال الإعجازية التي تعتبر علامة كافية على ارتباطه بعالم الغيب وبالله تعالى، ولكن في المقابل لم يكن للفراعنة من منطق سوى اتهامه بالسحر أو الكذب. فهم لا يملكون سوى منطق الإتهام، وأُسلوب إطلاق الشبهات على رجال الحق ودعاته.والذي يلفت النظر في الآية الكريمة إشارتها إلى ثلاثة أسماء، كلّ واحد منها يرمز لشيء معين في سياق الحالة السائدة آنذاك، والتي يمكن أن تجد مماثلاتها في أي عصر."فرعون" نموذج للطغاة والعصاة وحكّام الظلم والجور."هامان" رمزللشيطنة والخطط الشيطانية."قارون" نموذج للأثرياء البغاة، والمستغلين الذين لا يهمهم أي شيء في سبيل الحفاظ على ثرواتهم وزيادتها.
و أخيرا إليكم تلاوة الاية 25 من سورة غافر:
فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ۚ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿٢٥﴾
الآية تتعرض إلى بعض مخططات الظلمة في مقابل دعوة النّبي موسى(ع) و لقد صدر هذا القول عن بني إسرائيل بعد أن قام فرعون بقتل أبناء الذين آمنوا بموسى. وفي كلّ الأحوال، يعبّر هذا الأُسلوب عن واحدة من الممارسات والخطط المشؤومة الدائمة للقدرات الشيطانية الظالمة التي تستهدف إبادة وتعطيل الطاقات الفعّالة، وترك غير الفاعلين للإفادة منهم في خدمة النظام.
.. في الختام نشكركم على المتابعة ..نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .