بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين .. السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته.. مرحبا بكم إلى لقاء آخر من نهج الحياة ومتابعة الحديث عن شرح ميسر لآيات أخرى من سورة الزمر . نتوقف عند الايات 54 حتى 58 من هذه السورة المباركة .. والبداية نستمع إلى تلاوة الايتين 54 و55 من هذه السورة المباركة:
وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿٥٤﴾
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾
تقدم الكلام في الحلقة الماضية حول المغفرة والرحمة الالهية التي تشمل عباد الله جميعا. لتشير الايات هذه إلى طرق استقبال تلك الرحمات الالهية من خلال الاشارة إلى موضوع التوبة والإنابة إلى الله تعالى و التسليم لأمره واتباع تعاليم الانبياء ..إنّ أبواب المغفرة والرحمة مفتوحة للجميع من دون أي استثناء، ولكن شريطة أن يعودوا إلى أنفسهم بعد ارتكاب الذنب، ويتوجهوا في مسيرهم نحو الباريء عزّوجلّ، ويستسلموا لأوامره، ويظهروا صدق توبتهم وإنابتهم بالعمل، وبهذا الشكل فلا الشرك مستثنى من المغفرة ولا غيره، وبالطبع فإنّ هذا العفو العام والرحمة الواسعة مشروطان بشروط لا يمكن تجاهلها.
من تعاليم الايات نشير إلى بعض منها :
- إن التسليم لأمر الله تعالى هو دليل على قبول التوبة عند الله تعالى .
- ينبغي عدم تسويف التوبة فإن العمر غير محدد والأجل يأتي بغتة.
- إن العمل الصالح هو أمريجب أن يأتي تبعا لتوبة التائبين وتسليم أمرهم لله تعالى.
و الان نستمع إلى تلاوة الاية 56 من هذه السورة المباركة.
أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾
أحد أهم أسماء يوم الآخرة والتي أشارت إليها الايات القرانية هو يوم الحسرة حيث يتحسر الإنسان على القصور الذي بدر منه في الدنيا فعندما يرد الانسان إلى ساحة المحشر، ويرى بأُمّ عينيه نتائج إفراطه وإسرافه ومخالفته واتخاذه الأمور الجدية هزواً ولعباً، يصرخ فجأة (واحسرتاه) إذ يمتلىء قلبه في تلك اللحظات بغمّ كبير مصحوب بندم عميق، لأنه يدرك في ذلك اليوم أن الأعمال المقبولة عند الله ليست سوى الأعمال التي كانت خالصة لوجه الله تعالى وكل ما كان لغير الله تعالى فهو مرفوض عند الله .
ترشدنا الاية :
- إلى حقيقة الندم الذي يشعر به الانسان تجاه ما قصر في العمل لله تعالى .
- إن يوم القيامة يوم الإقرار والاعتراف وبالتالي إظهار الندم والحسرة .
- إن الذين يستهزؤون بالله وآياته سيتحسرون على أعمالهم ولكن الحسرة لا تفيدهم أبدا .
و الان نستمع إلى تلاوة الايات 57و 58 من سورة الزمر:
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾
إنّ هذا الكلام يقوله الكافرعندما يوقف أمام ميزان الحساب، حيث يرى البعض يقادون إلى الجنّة وهم يعتزون بأعمالهم الحسنة، وهنا يتمنى الكافر لو أنّه كان أحد هؤلاء المتوجهين إلى جنّة الخلد.وتضيف الآية مرّة اُخرى (أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين). وهذا ما يقوله الكافر حينما تقوده الملائكة الموكلة بالنّار نحو جهنم، وترى عيناه نار جهنم ومنظر العذاب الأليم فيها، وهنا يتأوه من أعماق قلبه ويتوسل لكي يسمح له بالعودة مرّة اُخرى إلى الحياة الدنيا ليطهر نفسه من الأعمال السيئة والقبيحة بأعمال صالحة تهيئه وتعده للوقوف في صفوف المحسنين والصالحين.
نستلهم من الاية :
- أن في القيامة تظهر في أهمية ومكانة التقوى.
- إذا لم يتبع الإنسان الهداية الالهية فلا تنفعه الأموال والثروات والشهرة والقدرة ..
- من إحدى الطرق لاجتناب الذنوب هو تذكر القيامة واهوالها .
- التقوى و الإحسان وسيلتا النجاة في يوم القيامة .
- أمنية المذنبين يوم القيامة الرجوع إلى الدنيا للعمل الصالح والإحسان .
- الرجوع إلى الدنيا مستحيل فلنعرف قدر الدنيا والفرصة التي منحنا فيها .
إلى هنا انتهت حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة نشكركم على طيب المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.