البث المباشر

تفسير موجز للآيات 22 و 23 من سورة الزمر

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:30 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 855

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد و اله الطيبين الطاهرين . مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هذا اللقاء من نهج الحياة لنواصل الشرح الميسر لسورة الزمر المباركة وقد بلغ بنا الحديث إلى الاية 22 و 23 فلننصت خاشعين الى تلاوة الاية 22 من سورة الزمر المباركة :

أَفَمَن شَرَحَ اللَّـهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّـهِ ۚ أُولَـٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٢﴾

"القاسية" مشتقّة من (قسوة)وتعني الخشونة والصلابة والتحجر، ، و يقال للقلوب التي لا تظهر أي استجابة لنور الحق والهداية، ولا تلين ولا تستسلم لها، ولا تسمح بنفوذ نور الحقّ والهداية إليها (قلوب قاسية).على أية حال، فإنّ هذه العبارة جاءت في مقابل انشراح الصدر وسعة الروح، لأنّ الرحابة والإتساع كناية عن الإستعداد للإستقبال وتقبّل حقائق أكثر.

تتمة للدروس الكبيرة التي قدمتها الايات الماضية في التوحيد والمعاد، تنتقل هذه الآية إلى المقارنة بين المؤمنين و الكافرين، كي توضح حقيقة أنّ القرآن والوحي السماوي هما كقطرات المطر التي تهطل على الأرض، وكما أنّ الأرض التي لها الإستعداد هي التي تستفيد من قطرات المطر، فكذلك القلوب المستعدة لبناء ذاتها بالاستعانة بلطف الله، هي - فقط - التي تستفيد من آيات الله، وذلك طبقاً لقوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربّه) كمن هو قاسي القلب لا يهتدي بنور!!

أمّا القاسية قلوبهم، فهم الذين لا تؤثر عليهم المواعظ ولا الوعيد ولا البشرى، ولا ينمي مطر الوحي الباعث للحياة عندهم ثمار التقوى والفضيلةلأنهم في ظلال مبين.

وقد سئل رسول الله (ص) عن تفسير هذه الآية: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) فقال(ص): "إذا دخل النور في القلب انشرح وانفتح". ثم سئل عن علامات انشراح الصدر؟ فقال (ص): "الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والإستعداد للموت قبل نزوله".

نستلهم من الأية بعضا من الدروس نشير إليها :

  • إن الإيمان بالله تعالى يجعل صدر المؤمن منشرحا و يفتح الآفاق أمامه و يوسع من دائرة نظره ليكون بالتالي خاضعا أمام إرادة الله تعالى.
  • يجتاز المؤمن طريق الحياة المليئة بالعقبات والمنغصات بواسطة نور الإيمان الإلهي الذي يشرق في قلبه .
  • إن الشرك بالله تعالى ونكران الحق يؤديان إلى قساوة القلب وإغلاق أبوابه أمام إشراقة نور الإيمان بالله.

 

و الان أيها الأكارم نستمع إلى تلاوة 23 من سورة الزمر :

اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٢٣﴾

إكمالا للبحوث السابقة عن الصدور الرحبة المستعدة لتقبل الحقّ تواصل هذه الآية الحديث عن التوحيد والمعاد مع ذكر بعض دلائل النبوّة، إذ تقول الفقرة الأُولى من الآية: (الله نزّل أحسن الحديث).ثم تستعرض خصائص القرآن الكريم، حيث تشرح الخصائص المهمّة للقرآن من خلال بيان ثلاث صفات له هي أولا :

(كتاباً متشابهاً) المقصود من (متشابه) هنا هو الكلام المتناسق الذي لا تناقض فيه ويشبه بعضه البعض، فلا تعارض فيه ولا تضادّ، وكلّ آية فيه أفضل من الأُخرى والمتماثل من حيث اللطف والجمال والعمق في البيان.أما الخاصية الثّانية فهي (مثاني) - أي المكرر- وهذه الكلمة تشير إلى تكرار بحوثه المختلفة وقصصه ومواعظه، التكرار الذي لا يملّ منه الإنسان ولا يضجر.

أمّا الخاصية الثّالثة فهي (تقشعر منه الجلود) وهذه الخاصية للقرآن فهي مسألة نفوذه وتأثيره العميقين والخارقين (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله).

إنّه لوصف وتجسيد لطيف وجميل لنفوذ آيات القرآن إلى أعماق القلوب، إذ أنّه في بداية الأمر يبعث في القلب شيئاً من الخوف والرهبة، الخوف الذي يكون أساساً للصحوة ولبدء الحركة، وبالتالي الرهبة التي تجعل الإنسان يتحسس مسؤولياته المختلفة. ثمّ تأتي مرحلة الهدوء وقبول آيات الله وتتبعها السكينة والإستقرار.

نتعلم من الآية الدروس التالية :

  • أن القران الكريم هو أفضل و أحسن الأقوال.
  • لا تعارض بين الآيات القرانية بل إن جميع الآيات القرانية ترمي لتحقيق هدف واحد.
  • إن المؤمن يصاب بالخوف والرهبة عند تلاوته لآيات العذاب وتستقر نفسه عند تلاوته لآيات الرحمة والمغفرة الإلهية.

 

ايها الاكارم انتهى وقت البرناج على امل الملتقى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة