البث المباشر

تفسير موجز للآيات 17 الى 21 من سورة الزمر

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 854

بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين السلام عليكم مستمعي برنامج نهج الحياة وأهلا بكم، نواصل الحديث في سورة الزمر لتقديم شرح ميسر للايات 17 حتى 21 من هذه السورة المباركة ..دعونا في البداية نضغ جيدا إلى الايتين 17 و 18 منها :

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّـهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ 

الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾ 

استخدم القرآن الكريم مرّة اُخرى أسلوب المقارنة في هذه الآيات، إذ قارن بين عباد الله الحقيقيين والمشركين المعاندين الذين لا مصير لهم سوى نار جهنّم، قال تعالى: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى).لقد تقدم الكلام فيما مضى حول المشركين الذين رفضوا الخضوع أمام الرسالة النبوية بسبب تعصبهم القومي وإصرارهم على الباطل ليتحول الكلام هنا عن أولئك الذين تواضعوا امام الحقيقة وآمنوا بها بكل وجودهم وكيانهم فشملتهم الرحمة و البشرى الالهية المطلقة لأنهم اجتنبوا عبادة الطاغوت وجميع أشكال الشرك وعبادة الأصنام وهوى النفس والشيطان، وتجنبوا الإنصياع والإستسلام للحكام المتجبرين الطغاة وعمدوا إلى عبادة الله وحده من خلال إيمانهم به وعملهم الصالح. ثم إن البشارة الإلهية فهي للعباد الذين لا يستمعون لقول هذا وذاك ما لم يعرفوا خصائص وميزات المتكلم، والذين ينتخبون أفضل الكلام من خلال قوّة العقل والإدراك، إذ لا تعصب ولا لجاجة في أعمالهم، ولا تحديد وجمود في فكرهم وتفكيرهم، إنّهم يبحثون عن الحقيقة وهم متعطشون لها، فأينما وجدوها استقبلوها بصدور رحبة، ليشربوا من نبعها الصافي من دون أيّ حتى يرتووا.

ترشدنا الايتان إلى تعاليم منها:

  • إن الرجوع الحقيقي إلى الله لا يتحقق إلا إذا اجتنب الإنسان جميع أشكال الطاغوت.
  • يستلزم الإيمان الحقيقي بالله تعالى تجنب عبادة الطواغيت و عدم الإصغاء لهم.
  • عند مواجهة الآراء والتيارات المتعددة يجب الاهتمام لمضونها الفكري وليس شخصية القائلين بها و اختيار أفضل الكلام وأحسنه.
  • لا تعارض ولااختلاف بين التعاليم الدينية وبين ما يمليه العقل السليم فكلاهما حجة الله على الإنسان و دليله إلى سعادة الدارين .
  • إن الإسلام يدعم حرية التفكير وأن اختيار نهج الحياة هو على أساس العقل والمنطق السليم .

 

و الان نصغي إلى الايات 19 حتى 21 من سورة الزمر المباركة:

 أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ﴿١٩﴾ 

لَـٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّـهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّـهُ الْمِيعَادَ ﴿٢٠﴾

 أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿٢١﴾

كان رسول الله (ص)يحرص على هداية المشركين والضالين، و كان يتألّم كثيراً لإنحرافهم لذلك عمدت الاية الى مواساته بعد أن وضحت له حقيقة أنّ عالمنا هذا هو عالم الحرية والإمتحان، و مجموعة من الناس - في نهاية الأمرـ يجب أن تدخل جهنم إذ قالت: (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار).

ولبعث السرور في قلب رسول الله (ص) ولزيادة الأمل في قلوب المؤمنين، جاءت الآية:(لكن الذين اتقوا ربّهم لهم غرف من فوقها غرف). وهذا وعد الله الذي لا خلف لميعاده.أما الأية التالية تتحدث عن إحدى آيات الله تعالى و هي نزول المطر بشكل قطرات تبعث الحياة لتجري في الأرض أو بصورة عيون و آبار. ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه وهي مرحلة أخرى من مراحل حياة هذه النباتات، إذ تقول: (ثم يهيج فتراه مصفراً) حيث تعصف به الرياح من كلّ جانب لتقلعه من مكانه بسبب ضعف سيقانه ويضيف تعالى: (ثم يجعله حطاماً).نعم، إن في هذا لذكرى لأصحاب العقول وأهل العلم (إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب).

ترشدنا الايات إلى :

  • ضرورة الدراسة في الظواهر الطبيعية باعتبارها أحد الطرق لمعرفة الله.
  •  من لا يفكر في مصدر الوجود والهدف منه لا عقل له فالايات الالهية تذكير لأولي الألباب.
  • المؤمن عاقل وأما الكافر فهو لجوج وعنود ولا عقل له .

 

أيها الأكارم مع انتهاء هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نشكركم على طيب تواصلكم واستماعكم .. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة