البث المباشر

تفسير موجز للآيات 9 و 10 من سورة الزمر

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 852

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد و اله الطيبين الطاهرين . مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ننتقل في هذه الحلقة إلى الايتين 9 و10 من سورة الزمر لتقديم شرح ميسر لهما .في بداية هذا اللقاء المبارك ننصت خاشعين الى تلاوة الاية 9 من هذه السورة المباركة:

أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٩﴾ 

تطرقت الآيات السابقة عن حال أولئك الذين يذكرون الله في البأساء والضراء فحسب وينسونه في الرخاء وأيام النعمة . تقوم هذه الاية بالمقارنة بين هذا الإنسان الغافل و الانسان الذي يذكر الله في جميع الأحوال . فالمؤمن الذي يرى نفسه في حال النعمة لا يعد نفسه في مأمن من العقاب والعذاب، وفي حال البلاء لا ييأس من رحمته، وهذان العاملان يرافقان وجوده أثناء حركته المستمرة بحذر واحتياط نحو الله تعالى . ثم تشير الاية إلى التهجد وقيام الليل واعتبارها إحدى صفات أولياء الله حيث تصطف أقدامهم لصلاة الليل وتلاوة القران الكريم . و لا شك فإن هؤلاء يرجون رحمة الله تعالى ويخافون عذابه في الوقت نفسه . و هذا ما يزرع في الانسان الأمل و توقع نزول الرحمة والمغفرة الالهية و في نفس الوقت يكون على حذر من الغفلة والعذاب الإلهي . ثم تخاطب الاية الرّسول الأكرم (ص) بالقول: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) فهذه العبارة التي تبدأ باستفهام استنكاري، توضح أحد شعارات الإسلام الأساسية وهو سمو وعلو منزلة العلم والعلماء في مقابل الجهل والجهلة. ولأنّ عدم التساوي - هذا - ذكر بصورة مطلقة، فمن البديهي أن تكون هاتان المجموعتان غير متساويتين عند الباري عزّوجلّ، وغير متساويين في وجهة نظر العقلاء، ولا يقفون في صفّ واحد من الدنيا، ولا في الأخرة وأنّهم مختلفون ظاهراً وباطناً.

ترشدنا الايات إلى تعاليم منها :

  • إن الثقافة القرانية لا تعتبر الليل فرصة للراحة والاستجمام فحسب بل إنها فرصة متاحة للتفرغ للعبادة وتلاوة القران وصلاة الليل.
  • إن العالم الحقيقي من وجهة نظر القران الكريم هو أهل التهجد و المناجاة مع الله .
  • ينبغي أن يعيش المؤمن بين حالة الخوف من العذاب الالهي والأمل برحمة الله ومغفرته .
  • إن قبول النصيحة لدى الفرد دليل على بلوغه العقلي لأن الذين يَتَذَكَّرون ليسوا سوى أُولي الْأَلْبابِ .

 

مستمعينا الكرام نستمع إلى تلاوة الاية 10 من سورة الزمر:

قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿١٠﴾

المشركين المغرورين والمؤمنين المطيعين لله، وبين العلماء والجهلة، فإنّ هذه الاية تبحث الخطوط الرئيسية لمناهج عباد الله الحقيقيين المخلصين ؛ الآية تحثّ النّبي(ص) أولا على التقوى باعتبارها الحاجز الذي يصدّ الإنسان عن الذنوب، وتجعله يحسّ بالمسؤولية وبتكاليفه أمام الباري عزّوجلّ، ثم تحرض الآية على الإحسان، من خلال بيان نتيجة ذلك العمل: (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة).فالإحسان بصورة مطلقة في هذه الدنيا - سواء كان في الحديث، أو في العمل، أو في نوع التفكر والتفكير بالأصدقاء والغرباء - يؤدّي إلى نيل ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، لأنّ جزاء الإحسان هو الإحسان.وفي الواقع فإنّ التقوى عامل ردع، والإحسان عامل صلاح، وكلاهما يشمل (ترك الذنب) و (أداء الفرائض والمستحبات).

الأمر الثالث يدعوالله تعالى إلى الهجرة من مواطن الشرك والكفر الملوثة بالذنوب، فقد قال تعالى: (و أرض الله واسعة). أمام المؤمن الذي تحيط به الضغوط والكبت، وهو يستطيع أن يهاجر في سبيل الله فعليه أن يهاجر، وإلاّ فإنّه غير معذور أمام الله.

لأنّ الهجرة ترافقها بصورة طبيعية مشكلات كثيرة في مختلف جوانب الحياة، فالمنهج الرابع إذن يتعلق بالصبر والإستقامة، قال تعالى: (إنّما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

نتعلم من الاية بعضا من المفاهيم والدروس :

  • إن الإيمان بالله و مراعاة التقوى والإحسان أمور لا ينفك بعضها عن بعض و من خلالها جميعا يصل الإنسان إلى بر الأمان والكمال .
  • إذا كان الثبات على الإيمان يتطلب الهجرة من الدور والأوطان عندها تستوجب الهجرة و ينبغي تحمل المشاق والمتاعب في هذا السبيل لتشملنا الرحمة الالهية.
  • إن أجر الاخرة يتحدد بمقدار مساعينا في سبيل الله وأن الجنة ثمرة الأعمال الصالحة التي يقدمها الانسان وليس الأماني والآمال الفارغة .

 

ها نحن مستمعينا الكرام وصلنا الى ختام حلقة اخري من سلسلة حلقات نهج الحياة كلنا امل في أن نجعل من القران الكريم نهجا مطبقاً في سيرتنا وسلوكياتنا، آمين يارب- و آخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة