البث المباشر

تفسير موجز للآيات 39 الى 49 من سورة الصافات

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 819

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله الطاهرين.. يتجدد لقاءنا بحضراتكم ضمن حلقة من برنامج نهج الحياة لنواصل الحديث في سورة الصافات وتحديدا في الآيات 39 إلى 49 منها.

 

لنبدأ البرنامج بالاستماع إلى تلاوة مرتلة للآية 39 من هذه السورة المباركة:

وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٣٩﴾

 

جرى الحديث في الحلقة الماضية عن التهم التي وجهها المشركون والكفار إلى النبي الأكرم (ص) وتعذيبهم يوم القيامة بسبب تلك الأعمال المشينة. ولكن الملاحظة المهمة هنا هي أن العذاب ليس بدافع من التشفي أو مبني على الأحقاد أو الضغائن بل إن العذاب الأخروي هو نتيجة لنفس الاعمال التي قام بها هؤلاء في الدنيا.

وعليه فإن العذاب يناسب حجم وخطورة الإعمال المحرمة التي ارتكبها الانسان. وذلك في يوم يحصد الانسان الثمار التي زرعها في الدنيا.

 

والآن إليكم تلاوة الآيات 40 إلى 44 من سورة الصافات:

إِلَّا عِبَادَ اللَّـهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿٤٠﴾

أُولَـٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ ﴿٤١﴾

فَوَاكِهُ ۖ وَهُم مُّكْرَمُونَ ﴿٤٢﴾

فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿٤٣﴾

عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿٤٤﴾

 

بعد أن ذكرت الآيات الماضية مصير الكفار تستثني هذه الآيات فئة من العذاب، وهي فئة عباد الله المخلصين أصحاب الجنة.

 

"مخلِص" هو اسم فاعل يطلق على من يعمل ويجتهد لوجه الله تعالى. والاسم المفعول من هذه الكلمة هو المخلَص بفتح اللام ويطلق على من أخلصه الله تعالى بواسطة ما يحمله من كمالات روحية ومعنوية، كالنبي يوسف (ع) الذي أخلصه الله من ورطة زليخا إذ يقول فيه القران "إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ". وبالطبع لا يبلغ الإنسان درجة المخلَصين إلا إذا أخلص لله تعالى بحيث لا يومه في الله لومة لائم.

 

ترشدنا الآيات إلى مفاهيم منها:

 

  • إن عبودية الله تعالى في جميع الشؤون الحياتية تمهد لخلاص الانسان من كل شرك ورياء.
  • إن العقوبة التي تنتظر المجرمين تتناسب مع حجم جرائمهم وهي على أساس العدل الالهي ولكن المحسنين يحظون بفضل الله تعالى. كما أن الجنة فيها اللذة المادية والمعنوية معا ولكل رزق محدد.
  • إن من أكبر النعم والملذات في الجنة هو لقاء أولياء الله ومجالستهم والتآلف معهم.

 

والآن ننصت إلى تلاوة الآيات 45 حتى 49 من سورة الصافات:

يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴿٤٥﴾

بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ ﴿٤٦﴾

لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴿٤٧﴾

وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴿٤٨﴾

كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴿٤٩﴾

 

ما زال الحديث حول النعم التي ينعم بها أهل الجنة و منها تشير الآية إلى السرر التي يتكئون عليها في أجواء ملؤها المحبة والوداد. إذ يطاف عليهم بكؤوس مملوءة بأنواع الخمور الطاهرة خمور ليس فيها "غول" أي الفساد الذي ينفذ إلى الشيء بصورة غير محسوسة، خمور طاهرة تجري في الأنهار، ولا يحتاج إلى أي مشقّة أو تعب.

 

أمّا القسم الأخير من تلك النعم فهو الحور العين في جنّات النعيم (وعندهم قاصرات الطرف عين)، أي نرزقهم زوجات لا يعشقن سوى أزواجهن ويقصرن طرفهن عليهم فقط، ولهذه الزوجات أعين واسعة وجميلة.

 

هذه الآية تعطينا وصفاً ملموسا لزوجات الجنّة، إذ توضّح طهارتهنّ وقداستهن من خلال هذه العبارة (كأنّهنّ بيض مكنون) أي إنّهن نظيفات وظريفات، وذوات أجسام بيضاء صافية كالبيض الذي كنه الريش في العشّ فلم تمسّه الأيدي ولم يصبه الغبار. وهو تشبيه قرآني يتّضح بصورة جيّدة فيما لو نظر الإنسان إلى البيضة في اللحظة التي تنفصل فيها عن الدجاجة، ولم تمسّها بعد يد الإنسان لتستقرّ تحت جناح الدجاجة وريشها، إذ تبدو عليها شفافية وصفاء عجيبان.

 

توحي هذه الآيات بعض المفاهيم منها:

  • الآيات تؤكد أن المعاد في يوم القيامة هو معاد جسماني حيث تشير إلى أنواع الملذات المادية في الجنة، كذلك الحال بالنسبة إلى أهل النار فإن عقوباتهم جسدية أيضا.
  • إن اللون الأبيض هو من الألوان الموجودة في الجنة وهو يدل على الضياء والجمال والطهر والنقاوة.
  • إن الزوجات في الجنة يحملن الجمال الظاهري والطهر النقاوة والعفاف معا.

 

أيها الأكارم إلى هنا انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على امل أن نلقاكم مجددا نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة