الخطبة ۳٥: من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم، وما بلغه من أمر الحكمين وفيها حمد الله على بلائه، ثمّ بيان سبب البلوى
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَإنْ أَتَى الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ، وَالْحَدَثِ الْجَلِيلِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لا شَريكَ لَه، لَيْسَ مَعَهُ إِلهٌ غَيْرُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الُْمجَرِّبِ تُورِثُ الْحَسْرَةَ، وَتُعْقِبُ النَّدَامَةَ، وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ في هذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِي، وَنَخَلْتُ لَكُمْ مَخزُونَ رَأْيِي، لَوْ كَانَ يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أَمْرٌ، فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الُْمخَالِفِينَ الْجُفَاةِ، وَالمُنَابِذِينَ الْعُصَاةِ، حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وَضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ، فَكُنْتُ وَإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:
أَمَرْتُكُمُ أَمْري بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى
فَلَمْ تَسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلاَّ ضُحَى الْغَدِ
الخطبة ۳٦: ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان
فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَى، بِأَثْنَاءِ هذَا النَّهَرِ، وَبِأَهْضَامِ هذَا الْغَائِطِ، عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ، وَلاَ سُلْطَانٍ مُّبِينٍ مَعَكُمْ، قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ، وَاحْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ، وَقَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هذِهِ الْحُكُومَةِ، فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُنَابِذِينَ، حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَىْ هَوَاكُمْ، وَأَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ، سُفَهَاءُ الاَْحْلاَمِ، وَلَمْ آتِ لاَ أَبَا لَكُمْ بُجْراً، وَلاَ أَرَدْتُ لَكُمْ ضُرّاً.
الخطبة ۳۷: ومن كلام له عليه السلام يجري مجرى الخطبة وفيه يذكر فضائله، قاله بعد وقعة النهروان
فَقُمْتُ بِالاَْمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَقَبََّعُوا، وَنَطَقْتُ وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللهِ، حِينَ وَقَفُوا، وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا، كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ، لَمْ يَكُنْ لاَِحَدٍ فيَّ مَهْمَزٌ، وَلاَ لِقَائِل فيَّ مَغْمَزٌ، الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ، حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ، حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مَنْهُ، رَضِينَا عَنِ اللهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا له أَمْرَهُ، أَتَرَاني أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ، وَاللهِ لاََنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ، فَلاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ، فَنَظَرْتُ في أَمْرِي، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي، وَإِذَا الميِثَاقُ في عُنُقِي لِغَيْرِي.