بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وأزكى الصلوات على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين . السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته ،معكم ضمن حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة لنشرع بالشرح الميسر لسورة الصافات المباركة و هي من السور المكية وتسلّط الأضواء على اُصول المعارف والعقائد الإسلامية الخاصّة بالمبدأ والمعاد وتتوعّد المشركين بأشدّ العقاب وذلك من خلال العبارات الحازمة والآيات القصيرة ، وتوضّح- بالأدلّة القاطعة- بطلان عقائدهم. بداية أيها الأكارم دعونا ننصت إلى تلاوة مرتلة للآيات الخمس الأولى من هذه السورة المباركة:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ﴿١﴾
فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ﴿٢﴾
فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴿٣﴾
إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴿٤﴾
رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴿٥﴾
هذه السورة هي أوّل سورة في القرآن الكريم تبدأ بالقسم، القسم المليء بالمعاني والمثير للتفكّر، القسم الذي يجوب بفكر الإنسان في جوانب مختلفة من هذا العالم، ويجعله متهيّئاً لتقبّل الحقائق.
إنّ بداية هذه السورة تذكر أسماء ثلاثة طوائف أقسم بها الله تعالى
والمشهور هو أنّ هذه الصفات تخصّ طوائف من الملائكة...
طوائف اصطفّت في عالم الوجود بصفوف منظمة، وهي مستعدّة لتنفيذ الأمر الإلهي. وطوائف من الملائكة تزجر بني آدم عن ارتكاب المعاصي والذنوب، وتحبط وساوس الشياطين في قلوبهم.أوالمقصود منها الملائكة الموكّلة بتسيير السحاب في السماء وسوقها نحو الأرض اليابسة لإحيائها.وأخيراً طوائف من الملائكة تتلو آيات الكتب السماوية حين نزول الوحي على الرسل .
إنّ قسم الله سبحانه وتعالى بهذه الطوائف يوضّح عظم منزلتهم عند الباري عزّوجلّ، ويشير إلى حقيقة مفادها أنّ سالكي طريق الحقّ للوصول إلى غايتهم عليهم أن يجتازوا تلك المراحل الثلاث والتي تبدأ بتنظيم الصفوف ووقوف كلّ مجموعة في الصفّ المخصّص لها، ومن ثمّ العمل على إزالة العراقيل من الطريق، ورفع الموانع بالصوت العالي، الصوت الذي يتناسب مع مفهوم الزجر، ومن بعد تلاوة الآيات الإلهيّة والأوامر الربّانية على القلوب المتهيّئة لتنفيذ مضامين تلك الأوامر.
لقد قسم الله تعالى بتلك الطوائف من الملائكة ليكون جواب القسم هو أن الأصنام ستزول وتدمّر، وأنّه ليس هناك من شريك ولا شبيه ولا نظير لله سبحانه وتعالى. ثمّ يضيف (ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ المشارق).
نتعلم من هذه الايات دروسا ومفاهيم منها:
- لقد أكد الشارع المقدس أهمية النظم في مختلف الشؤون وهو سبب للوحدة والقدرة والسرعة في إنجاز الأعمال .
- في طريق الوصول إلى الغايات يواجه الانسان الكثير من المطبات والعراقيل ولإزالتها يجب عليه السعي الدؤوب .
- إن الله تعالى هو خالق الكون ومدبره والخلق كله تحت أمره وأفضل دليل على هذا هو التناسق والتناغم بين الأرض والسماء .
أما الأن أيها الأكارم إليكم تلاوة الاية 6 من سورة الصافات المباركة:
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴿٦﴾
فلو رفع أحدنا ببصره نحو السماء في إحدى الليالي المظلمة، لتجسّم في بصره منظر جميل يسحر الإنسان. وكأنّ الكواكب تتحدّث معنا بلسانها الصامت، لتكشف لنا عن أسرار الخلق، منظررائع الجمال،لا تملّ أيّ عين من طول النظر إليه، بل إنّ النظر إليه يزيل التعب والهمّ من داخل الإنسان. وممّا يذكر أنّ أبناء المدن في العصر الحاضر التي يغطّيها دخّان المصانع، لا يستمتعون بمشاهدة السماء وهي مرصّعة بالكواكب كما يشاهدها الإنسان القروي حيث يدركون هذه المقولة القرآنية - أي تزيين السماء بالكواكب- بصورة أفضل.
و إلى مفاهيم تحملها الاية للمتأمل فيها:
- إن الرغبة إلى الجمال في ذوات بني البشر أمر فطري و هذا ما يؤكده القران الكريم في الاستمتاع من المناظر الطبيعية.
- إن جمال المنظر في الكواكب والنجوم آية من آيات عظمة الخالق المتعال.
إن الاهتمام بعلم النجوم ودراسة الفلك كان يحظى باهتمام كثيرمن العلماء والمفكرين المسلمين.
أيها الأكارم انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.