بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و أهل بيته الكرام .. السلام عليكم أحبة القران الكريم ورحمة الله و بركاته ومرحبا بكم إلى وقفة أخرى عند ايات من سورة يس المباركة هي 59 حتى 65 منها وذلك ضمن برنامج نهج الحياة .. ننصت في البداية إلى تلاوة مرتلة للاية 59 من هذه السورة المباركة :
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴿٥٩﴾
مرّ الحديث في الحلقة السابقة عن جانب من المكانة المباركة لأهل الجنّة،و ما يتنعمون به فيها من النعيم الأخروي و السكينة والطمأنينة ، وفي هذه الآيات يأتي الحديث عن جانب بئيس من مصير أهل النار وعبدة الشيطان. فيأتي الخطاب حاملا معه لحن التحقير والمعاتبة ليفرزهم عن صفوف المؤمنين الذين استخفوا بهم في الدنيا وتلونوا بلونهم تارةً، واستفادوا من اعتباراتهم، أمّا اليوم هو يوم الفصل، إذ يجب التمايز والفصل بينهم .
نستلهم من الاية معاني منها:
- إن يوم القيامة يوم الفصل والتمايز وذلك على أساس الأفكار والمعتقدات و الأعمال التي ترتبت على إثرها .
- إن يوم القيامة يوم تحقيق الوعد الالهي الذي يثاب فيه المحسنون و يعاقب المسيئون .
و الان إليكم تلاوة الاية 60 وحتى 62 من سورة يس المباركة:
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٦٠﴾
وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٦١﴾
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴿٦٢﴾
مازال الخطاب موجه إلى المسيئين الخاطئين الذين مثلوا في محكمة العدل الإلهي بين يدي الباري تعالى في يوم القيامة و قد تم فصلهم عن المؤمنين.. الخطاب الموجه لهم هو خطاب معاتبة وملامة لأنهم تركوا طاعة الرحمن وانقادوا لوساوس الشيطان لأن عبادة الشيطان هي طاعته و تؤكد الأحاديث الواردة أن من أطاع أحدا أو أصغى إليه فقد عبده . و قد اُخذ على الإنسان العهد بأن لا يطيع الشيطان، إذ أنّه أعلن له عن عداوته بشكل واضح منذ اليوم الأوّل من خلقه، فهل يطيع عاقل أوامر عدوّه!؟ ومن جانب آخر، اُخذ عليه العهد بطاعة الله سبحانه وتعالى، لأنّ سبيله هو الصراط المستقيم و عبادة الله في جميع شؤون الحياة هو السير على الصراط المستقيم .
للتعريف بهذا العدو القديم أكثر فأكثر يضيف تعالى: (ولقد أضلّ منكم جبلاّ كثيراً أفلم تكونوا تعقلون). تخاطب الاية : ألا ترون ماذا أحلّ بأتباعه من المصائب.ألم تطالعوا تأريخ من سبقكم لتروا بأعينكم أي مصير مشؤوم وصل إليه من عبد الشيطان؟ فمازالت آثار مدنهم المدمّرة أمام أعينكم، والعاقبة المؤلمة التي وصلوا إليها واضحة لكل من يمتلك القليل من التعقّل والتفكّر.
و إلى بعض من تعاليم الايات:
- إن الله تعالى قطع عهدا على الانسان في فطرته وعقله أن لا يتبع الشيطان و خطواته .
- إن الإنسان إما هو عبد مطيع لله أو من عبدة الشيطان .
- إن التفكير في مصير من أضله الشيطان يفتح أمام الإنسان طريق النجاة من وساوس الشيطان واشراكه .
والان مع الايات 63 حتى 65 من سورة يس المباركة:
هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٦٣﴾
اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿٦٤﴾
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٦٥﴾
تواصل هذه الايات الحديث عن قسم آخرمن التوبيخات والتقريعات الإلهيّة للمجرمين يوم القيامة. ففي ذلك اليوم وحينما تظهر جهنّم للمجرمين الكافرين يذكّرهم الله بوعده، (هذه جهنّم التي كنتم توعدون).فقد بُعث إليكم الأنبياء واحداً بعد واحد، وحذّروكم من مثل هذا اليوم ، ولكنّكم لم تأخذوا أقوالهم إلاّ على محمل السخرية والإستهزاء.
ثمّ يشير تعالى إلى شهود يوم القيامة... الشهود الذين هم جزء من جسد الإنسان، حيث لا مجال لإنكار شهادتهم، فيقول تعالى: (اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون).
و من تعاليم الايات المباركة :
- أتم الله الحجة على أهل جهنم و أعلمهم على الدوام بخطر جهنم .
- الله تعالى هو الذي يختم على الأفواه ويجعل الأيدي والأرجل لتتكلم وتشهد على صاحبها .
هكذا تنتهي حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة شكرا على حسن المتابعة وإلى اللقاء .