بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
السلام عليكم مستمعينا ورحمة الله وبركاته .. أهلا بكم إلى برنامج نهج الحياة حيث نواصل الحديث في الأية 28 إلى 35 من سورة يس المباركة دعونا أيها الأكارم ننصت إلى تلاوة مرتلة للايات 28 إلى 30 من هذه السورة المباركة.
وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴿٢٨﴾
إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾
يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾
أشرنا في الحلقة الماضية إلى الرسل الذين بعثهم الله إلى مدينة أنطاكية بالشام لهداية أهلها إلى الصراط المستقيم، حيث واجهوا الرد والرفض ولم يؤمنوا بهم إلى أن قام أحد المؤمنين وهو حبيب النجار بالدفاع عن الرسل وقد ارتقى شهيدا في سبيل الدفاع عنهم .
تتحدث هذه الأيات عن مصيرهؤلاء القوم الذين كذبوا الانبياء و قتلوا حبيبا :" إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ " وكأن الاية تقول إنه لو شاءت الإرادة الإلهية أن تهلك قوما فهو أمر سهل وغير عسير على رب العالمين لأنه أمر لا يحتاج إلىجهد كبير كإرسال الجنود من السماء، فكلما في الأمر هو صيحة واحدة لا أكثر لتقضي على الجميع فلا تجد بعدها حركة ولا تسمع من أحد همسا .
نستلهم من الايتين عبرا نشير إلى بعض منها:
- لتعلم جميع المجتمعات البشرية أنها لو استهزأت بالرسل والأنبياء فعليها أن تترقب نزول العذاب الإلهي .
- على المؤمنين أن لا يهابوا المستكبرين والطغاة وأن لا يتوقفوا عن مسيرتهم النضالية إثر ضغوط تمارس عليهم فلو أراد الله لأهلكهم جميعا في لحظات .
و الان نستمع إلى تلاوة الايتين 31 و 32 من سورة يس:
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾
وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾
تتحدّث هاتان الآيتان- إستناداً إلى ما مرّ في الآيات السابقة- عن الغفلة المستمرّة لمجموعة كبيرة من البشر في هذا العالم على مرّ العصور والقرون، فتقول الآية: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون).فهؤلاء الكفّار ليسوا بدعاً من الأمر، فقد كان قبلهم أقوام آخرون تمرّدوا على الحقّ مثلهم عاشوا في هذه الدنيا، ومصائرهم الأليمة التي ملأت صفحات التأريخ، والآثار المعبّرة التي بقيت في مدنهم المدمّرة، كلّها شاخصة أمام العيان، فهل يكفي ذلك المقدار لتحقّق العبرة والإعتبار؟
وإلى بعض من التعاليم التي تحفل بها الايتان:
- إن القران الكريم يؤكد ضرورة مطالعة حياة الأقوام السابقة مطالعة تحمل للإنسان المزيد من الدروس والعبر.
- إن السنن الإلهية هي سنن كونية ثابتة و أن مصائر الأقوام يشبه بعضها الآخر.
- لا طريق للعودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت وعليه فإن القران يفند الرأي القائل بتناسخ الأرواح و حلولها في أجسام الآخرين
وإليكم الان تلاوة الايات 33 إلى 35 من سورة يس:
وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴿٣٣﴾
وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴿٣٤﴾
لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴿٣٥﴾
تتعرّض الآيات إلى قضيّة إحياء الأرض الميتة والبركات التي تعود على الإنسان من جراء ذلك.
نستلهم من الايات بعض من الدروس نشير إليها:
- إن عالم الطبيعة عبارة عن كتاب خلق الله تعالى و فيه أسراره الحقة و هو كتاب يهدي إلى الصراط المستقيم.
- لا يمكن للانسان أن يقوم بتجربة عالم البرزخ قبل الانتقال إليه إلا أن النباتات يمكن لها أن تجرب الحياة البرزخية هنا في الدنيا.
- إن الله تعالى منح الإنسان الكثير من النعم مثل أنواع الأطعمة والمشروبات إلا أن الكثير من الناس يعرضون عن شكر المنعم لهم .
بهذا وصلنا وإياكم إلى ختام حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة نشكركم على حسن المتابعة و إلى اللقاء .