البث المباشر

تفسير موجز للآيات 42 الى 45 من سورة سبأ

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:16 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 784

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله على خير الأنام محمد المصطفى واله الكرام . السلام عليكم أحبائنا الكرام ورحمة الله وبركاته .. حياكم الله واهلا بكم الى نهج الحياة إذ نواصل لحضراتكم تقديم شرح مبسط للايات 42 إلى 45 من سورة سبأ المباركة. نشنف آسماعنا بداية مع تلاوة مرتلة للاية 42 من هذه السورة المباركة:

فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴿٤٢﴾ 

في الايات السابقة نفى الله تعالى مزاعم المشركين بنيلهم شفاعة الملائكة في يوم القيامة و تصرح الاية بانهم اتبعوا الشياطين وكانوا يستعينون بهم.

تأتي هذه الاية استخلاصا للما سبق من الحديث فتقول: (فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضرّاً).وبناءً على ذلك فلا الملائكة الذين اعتبرهم المشركون معبودون لهم لن يستطيعوا الشفاعة لهم، ولا هم انفسهم يستطيعون مساعدة بعضهم البعض. "

الاية تشير إلى عدة ملاحظات منها:

  • تختلف ظروف واجواء يوم القيامة مع ظروف الدنيا كثيرا. حيث يتعاون الناس فيما بينهم فينفعون غيرهم أو يضرونهم. في حين أن الأمر مختلف تماما مع القيامة فالأمر يومئذ بيد الله تعالى.
  • إن الكفروالشرك من أبرز مصاديق الظلم. وقد جاء وصف الكافرين والمشركين" بـ "الظالمين" لأنّهم قبل كلّ شيء ظلموا أنفسهم بخلعهم تاج العبودية لله عن رؤوسهم، ولفّوا طوق الذلّة للأوثان على رقابهم. ودمّروا شخصيتهم ومصيرهم.

 

والان نستمع إلى تلاوة الاية 43 من سورة سبأ المباركة:

 وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى ۚ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٤٣﴾ 

تعود هذه الآيات لتكمل البحث الذي تناولته الآية السابقة حول المشركين وأقوالهم يوم القيامة، فتتحدّث حول وضع هؤلاء في الدنيا ومواقفهم عند سماعهم القرآن حتّى يتّضح أنّ مصيرهم المشؤوم في الاُخرة إنّما هو نتاج تلك المواقف الخاطئة التي اتّخذوها إزاء آيات الله في الدنيا.

تقول الآية الكريمة : (وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات قالوا ما هذا إلاّ رجل يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم).فهذا أوّل ردّ فعل لهم إزاء "الآيات البيّنات" وهو السعي إلى تحريك حسّ العصبية في هؤلاء القوم المتعصّبين. ثمّ ان تعبير (ما هذا إلاّ رجل) إنّما يقصد به تصغير النّبي (ص) من جهتين الاُولى كلمة "هذا" والثّانية "رجل" بهيأة النكرة، مع العلم بأنّهم يعرفون النّبي (ص) جيّداً، ويعلمون بأنّ له ماض مشرقاً.

ثمّ توضّح الآية مقولتهم الثّانية التي قصدوا بها إبطال دعوة النّبي (ص) فتقول: (وقالوا ما هذا إلاّ إفك مفترى).و الإفك كما قال البعض، يطلق على الأكاذيب الكبيرة. وقد كان يكفي استخدامهم لكلمة "الإفك" في إتّهام الرّسول (ص) بالكذب، لكنّهم أرادوا تأكيد ذلك المعنى بإستخدامهم لكلمة "مفترى"، دون أن يكون لهم أدنى دليل على ذلك الإدّعاء.وأخيراً، كان الإتّهام الثالث الذي ألصقوه بالرّسول (ص) هو (السحر) كما نرى ذلك في آخر هذه الآية (وقال الذين كفروا للحقّ لمّا جاءهم إنّ هذا إلاّ سحر مبين).

نستلهم من الاية مفاهيم نذكر منها:

  • إن الحفاظ على التراث والموروثات أمر يعود إلى القضايا التاريخية و علم الآثار، ولا يدعو إلى حفظ ونشر أفكارهم ومعتقداتهم الخاطئة . إن التقليد الأعمى من الآباء يحول دون تطورالمجتمعات.
  • إن السحر والشعوذة أمر يمكن تعلمهما عند السحرة الماهرين. ولكن النبي (ص) لم يتعلم السحر وهذا ما كان يعرفه الناس يومذاك ، بل إنه كلفه الله تعالى لينشر الدعوة الالهية فيما بين الناس .

 

و الان احبائنا إليكم تلاوة الايتين 44 و45 من سورة سبأ:

وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ۖ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ ﴿٤٤﴾

 وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿٤٥﴾

في الآية الأولى ، يشطب القرآن الكريم على جميع تلك الإدّعاءات الواهية، مع أنّها واضحة البطلان، وهي إشارة إلى أنّ هذه الإدّعاءات يمكن أن تكون مقبولة فيما لو جاءهم رسول من قبل بكتاب سماوي يخالف هذه الدعوة الجديدة والآية الثانية تهدّد تلك المجموعة المتمردّة بكلمات بليغة مؤثّرة فتقول: (وكذب الذين من قبلهم) في حين أنّ هؤلاء لم يبلغوا في القوّة والقدرة عشر ما كان لاُولئك الأقوام .ثم تذكرالاية بالعقوبات الإلهية الساحقة ليست ببعيدة عن من يخاطبهم القران فالقري المدمرة هي في الشام القريب منهم فليقوموا بمقارنة مصيرهم بمصير تلك الأقوام التي أبيدوا عن بكرة أبيهم . و إلى بعض من دروس وعبر تحفل بها الايتان:

  • أنّ الإنسان لا يمكنه أن يطوي طريق الحياة بعقله فقط، بل لابدّ أن يستمدّ المعونة من وحي السماء ويتقدّم إلى الأمام بالإستعانة بالشرائع.
  • إن إثبات أي أمر أو نفيه لابد من أن يكون مستندا إلى العلم أو الوحي وأي موقف لا يستند إلى ذلك يكون اتباعا للهوى.

 

بهذا أيها الأكارم وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة شكرا لحسن ....

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة