البث المباشر

تفسير موجز للآيات 31 الى 33 من سورة سبأ

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:15 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 781

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .احبائنا القرانيون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته معكم بتوفيق الله ضمن حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة لنواصل التأمل عند الايات 31 إلى 33 من سورة سبأ المباركة والبداية مع تلاوة مرتلة للاية 31 من هذه السورة المباركة.

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴿٣١﴾

بعد ان جرى الحديث في الحلقة الماضية حول مواقف المشركين إزاء مسألة المعاد، تعرّج هذه الآيات إلى تصوير بعض فصول المعاد المؤلمة لهؤلاء المشركين كي يقفوا على خاتمة أعمالهم. فتقول الاية : (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه).تشير الاية الي نفي هؤلاء نبوّة الرّسول (ص) من خلال نفي الكتب السماوية الاُخرى، لأن القرآن أكّد موضوع ورود دلائل على نبوّة الرّسول (ص) في التوراة والإنجيل، ولهذا يقولون: نحن لا نؤمن لا بهذا الكتاب ولا بالكتب التي سبقته.

ثمّ تنتقل الايات إلى الحديث حول وضع هؤلاء في القيامة من خلال مخاطبة الرّسول(ص) فيقول تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعض القول).ومرّة اُخرى يستفاد من الآية أنّ من أهمّ مصاديق "الظلم" هو "الشرك والكفر". و التعبير "عند ربّهم" إشارة إلى أنّهم حاضرون بين يدي مالكهم وربّهم، وما أكثر وأشدّ خجلا من أن يكون الإنسان حاضراً بين يدي من كفر به، في حين أنّ كلّ وجوده غارق بنعمه.. هناك: (يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين). إنّ المستضعفين يريدون بهذا القول إلقاء مسؤولية ذنوبهم على عاتق هؤلاء "المستكبرين"، مع أنّهم لم يكونوا يتعاملوا معهم بمثل هذه الصرامة في دار الدنيا، لأنّ الضعف والخور والذلّة كانت حاكمة على وجودهم، و كانهم قد فقدوا حريتهم أمامهم ، أمّا هناك وبعد أن تبعثرت تلك المفاهيم الطبقية التي كانت سائدة في دار الدنيا، وانكشفت نتائج أعمال الجميع، فهم يقفون وجهاً لوجه مقابل هؤلاء ويتحدّثون بصراحة ويتلاومون معهم.

نستلهم من الأية دروسا مهمة نذكر منها:

  • أن العناد مع الحق يؤدي بالانسان إلى الكفر و انكار الواقع فمن كان على هذه الشاكلة فلا يرضخ للإيمان و التزاماته .
  • أن جميع الكتب السماوية تبحث عن هدف واحد و طريق مشترك وعليه فإن الكفار لا يؤمنون بأي من تلك الكتب .
  • أن الكفر والشرك واللادينية هو ظلم كبير في حق النفس والانبياء .
  • ان الثقافة الدينية تعتبر ظلم الانسان بحق نفسه من مصاديق الظلم .
  • أن الإيمان هو سبب النجاة والفلاح في يوم القيامة .

 

والان ننصت إلى تلاوة ايتين 32و33 من سورة سبأ المباركة ..

قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم ۖ بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ ﴿٣٢﴾

 وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا ۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٣﴾ 

في هذه الايات تتكرر مفردة المستضفعين والمستكبرين و المقصود من المستضعفين هم الذين يتبعون الاخرين اتباعا أعمى ولا يرجعون إلى العقل والتفكير و أما المستكبرون هم الذين يتغلبون على الاخرين بفضل القدرة المالية و الثروات التي يمتلكونها . في مشهد القيامة : (يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين). وبذلك فهم يريدون إلقاء مسؤولية ذنوبهم على عاتق "المستكبرين"،

عندها يقول "المستكبرون للذين استضعفوا: أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذا جاءكم. و هكذا فهم يرفعون عن انفسهم أية مسؤولية بل يلومون المستضعفين لأنهم كانوا مجرمين. ولكن المستضعفين لا يقتنعون بهذا الجواب، ويعاودون القول مرّة اُخرى لإثبات جرم المستكبرين: (بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً).

لا شك أنّ المستكبرين لا يملكون جواباً لهذا القول، ولا يمكنهم إنكار جرمهم الكبير ذاك، لذا فإنّ الفريقين يندمون على ما قدّمت أيديهم، المستكبرون على إضلالهم للآخرين، والمستضعفون على إيمانهم وقبولهم بتلك الأباطيل المشؤومة، ولكن لكي لا يفتضحوا أكثر فانّهم يكتمون الندم حينما يواجهون العذاب الإلهي...

الايات ترشدنا إلى مفاهيم منها:

  • بالرغم من حالات الفساد التي تستشري في بعض البلدان إلا أنها لا تجبر الانسان على الانحراف والفساد . فلا يمكن تعليق القصور والاخطاء و الذنوب على المجتمع و الاخرين.
  • إن الانحرافات الفكرية والثقافية التي تشهدها المجتمعات هي نتيجة المحاولات والمخططات المستمرة ليل نهار التي يقوم بها الأعداء.
  • إن لغة تعامل المستكبرين مع أتباعهم بلغة الأمر والنهي، لا الدعوة والإرشاد.
  • كل من لم يلب دعوة الانبياء ولم يؤمن بالكتب السماوية سيسأل عن هذا الموقف يوم القيامة.
  • إن العذاب الذي سيذوقه الكفار يوم القيامة يتناسب مع عظم وفداحة العمل والظلم الذي قاموا به في الحياة الدنيا.

ايها الأكارم مع انتهاء وقفتنا عند تعاليم الأية السادسة من سورة الأحزاب وصلنا وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة إلى أن نلقاكم مجددا نستودعكم الرعاية الإلهية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة