فالسعودية ألتزمت الصمت في البداية ولم تسلط الاضواء على قضية إختطاف أحد مواطنيها في بلد آخر، وبعد تطور القضية وتناولها الواسع في وسائل الاعلام بدأت السعودية من خلال قنصلها العام في اسطنبول محمد العتيبي بإطلاق تصريحات دفاعية الغرض من وراءها إبعاد التهمة عنها.
اما تركيا فمن الساعات الاولى لإختفاء خاشقجي فقد بدأت بالتحري والبحث عنه ومعرفة مصيره، وتصدرت القضية أولويات إهتماماتها كما ظهر في وسائل الاعلام.
أما أمريكا فكانت المواقف الاولى تقتصر على وسائل الاعلام لاسيما صحيفة الـ "واشنطن بوست" التي كان لها موقف مشهود حيث تركت الصفحة التي كان يكتب فيها خاشقجي بيضاء إحتجاجاً على جريمة إختطافه.
إلا ان الضغوط التي مارسها بعض أصدقاء خاشقجي سواء من داخل عائلة آل سعود من الامراء المنشقين على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو بعض السياسيين الامريكان وقد يكون بتأثير هذه الضغوط جاء طلب قيادة لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ "الكونغرس" من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفه من العقوبات على السعودية بسبب احتمال مقتل خاشقجي على يد السلطات السعودية.
وعندما نقرأ ما بين السطور في هذا الطلب نجد ان هناك قناعة تامة لدى الجانب الامريكي بأن الصحفي السعودي المعارض جمال قاشقحي قتل على يد السلطات السعودية، ومن هنا على الرئيس الامريكي ان يوظف هذا الحدث لصالح الولايات المتحدة الامريكية على طريقته المعروفة لدى الجميع.
فجاء الرد من قبل الرئيس الامريكي دونالد ترامب في تغريدته على تويتر بقوله: "لا أريد أن أوقف بلداً عن إنفاق ۱۱۰ مليارات دولار، وهو رقم قياسي في كل الوقت، وندع روسيا تأخذ تلك الأموال ونترك الصين تأخذ تلك الأموال".
إلا ان ترامب لم يصمد عند هذا الموقف بل تغيَّر موقفه وبالحقيقة تنصل او تراجع عن هذا الموقف وهو ما صرح به خلال مكالمة هاتفية له مع برنامج "فوكس أند فريندز"، على قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن محققين أمريكيين يعملون مع السعوديين والأتراك، في قضية اختفاء الصحفي السعودي، جمال خاشقجي.
وأضاف ترامب في نفس هذه المكالمة "نحن جادون للغاية، ولدينا محققون هناك، ونعمل مع تركيا وكذلك مع السعودية، نحن نريد معرفة ما حدث".
ورداً على سؤال عما إذا كانت السعودية مسؤولة عن اختفاء أو قتل خاشقجي، قال ترامب: "إنه أمر فظيع، لن أكون سعيداً على الإطلاق، أعتقد أنه يمكنك القول إنه، حتى الآن، يبدو إلى حد ما أن الأمر كذلك، سوف نرى، نحن نعمل كثيراً على ذلك، بالتأكيد لن يكون شيئاً جيداً، على الإطلاق".
وهنا حمَّل ترامب السعودية مسؤولية إختطاف خاشقجي، وعندما نجمع بين طلب مجلس الشيوخ "الكونغرس" من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وموقفي ترامب الاول الرافض لمعاقبة السعودية والثاني الضاغط عليها نستنتج أن الطريقة الترامبية لحلب البقرة الخليجية بدأت ملامحها واضحة.
المعروف عن الرئيس الامريكي دونالد ترامب بأنه شخصية متذبذبة ومتقلب المواقف فمرة يرفض طلب الكونغرس بمعاقبة السعودية، وأخرى يتراجع ويلمح بتحميل السعوية مسؤولية إختطاف وقتل قاشقجي.
ولكن الامر ليس كذلك فالرئيس الامريكي دونالد ترامب يمثل عصارة السياسة الامريكية والوجه الحقيقي للإدارة الامريكية والمرحلة تستوجب أن يسلك الرئيس الامريكي هذه السياسة الناجحة مع أنظمة تفتقد لأبسط معايير الشرعية فهي خاوية على عروشها وبأمس الحاجة الى الحماية الأجنبية لاسيما من دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية فما هو المانع من أستخدام طريقة الترغيب والترهيب لإستحلاب هكذا أنظمة تتربع على ثروات طائلة.
فليس مهم لدى الادارة الامريكية معاقبة قاتل قاشقجي بل المهم كم تستنزف من الدولارات من السعودية مقابل لملمة القضية ووضعها على الرف ليكون النسيان كفيل بطيها بين جنباته.
جابر كرعاوي//لموقع إذاعة طهران العربية