بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة علي سيدنا محمد واله الطاهرين . السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته . نواصل التدبر ايها الاحبة عند الايات السادسة حتي التاسعة من سورة سبأ المباركة ضمن برنامج نهج الحياة . ايها الاكارم ننصت الان الي تلاوة الايتين السادسة والسابعة من سورة سبأ المباركة.
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿٦﴾
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿٧﴾
كان الحديث في الحلقة السابقة عن عمي بصائر المغفّلين الذين أنكروا المعاد مع كلّ تلك الدلائل القاطعة، وقد سعوا سعيهم لتكذيب الآيات الإلهية، وإضلال الآخرين. وعلى هذا، فإنّ هذه الاية ، تتحدّث عن العلماء والمفكّرين الذين صدّقوا بآيات الله وسعوا سعيهم لتشجيع الآخرين على التصديق بها، يقول تعالى: (ويرى الذين اُوتوا العلم الذي اُنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد). يقول بعض المفسّرين إن عبارة (الذين اُوتوا العلم)، تشير إلي تلك المجموعة من علماء أهل الكتاب الذين اتّخذوا موقف الخضوع والإقرار للحقّ عند مشاهدة آثار حقّانية القرآن الكريم.
و في الجهة المقابلة لهؤلاء المؤمنين فإن هناك من كذب القران ورسالة النبي (ص) ويوم الأخرة فهم يشككون قائلين كيف يمكن لهذه العظام المتفسّخة، وهذه الذرّات المبعثرة، التي تعصف بها الريح من كلّ جانب، أن تُجمع في يوم وتُلبس ثوب الحياة من جديد؟ إن سبب إنكار هؤلاء ليوم المعاد هو عدم استطاعتهم على إنكار المبدء للكون وعالم الخلق .و بهذا فهم يرمون إلى الحؤول دون إقبال الناس على دعوة النبي للايمان بالله تعالى واتباع أوامره عزوجل .
نشير الي بعض من الدروس التي تحفل بها الايتان:
- إن العلم يهب الإنسان الرؤية والفكر ولذا فقد أقبل الكثير من العلماء طوال التاريخ إلى الدين الإسلامي ما يؤكد أن الدين ليس نتيجة جهل الناس .
- إن الأنبياء مدعاة فخر واعتزاز لأهل الإيمان في الدنيا .
- يحاول المعارضون لرسالة الأنبياء التضعيف و التقليل من شخصية ومكانة النبي الأكرم (ص) من خلال الاستهزاء به لكي يفرقوا الناس من حوله.
والان ايها الاكارم إليكم تلاوة الايتين 8و9من سورة سبأ المباركة:
أَفْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ ۗ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ﴿٨﴾
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴿٩﴾
تشير الاية 8 الي ان الكفار اعتبروا دعوة الناس إلى الايمان بيوم المعاد دليلا على كذب الرّسول (ص) أو جنونه، وحاشاه . فكانهم يقولون انه كيف يمكن لرجل عاقل أو صادق أن يتفوّه بمثل هذا الحديث!!؟ ولكن القرآن يردّ عليهم بشكل حاسم قائلا: (بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد).فأي ضلال أوضح من أن يرى مُنكِروا المعاد باُمّ اعينيهم مثالا لهذا المعاد في عالم الطبيعة في كلّ عام بإحياء الأرض الميتة بالزرع ؛ المعاد الذي لولا وجوده لما كان للحياة في هذا العالم أي معنى أو محتوى.وأخيراً فإنكار المعاد يساوي إنكار قدرة وعدل وحكمة الله جلّ وعلا.
وينتقل القرآن الكريم لتقديم دليل آخر عن المعاد، مقترن بتهديد الغافلين المعاندين فيقول تعالى: (أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض).فإنّ هذه السماء العظيمة بكلّ عجائبها، بكواكبها الثابتة والسيّارة وبالأنظمة التي تحكمها، وكذلك الأرض بكلّ عجائبها وغرائبها وأنواع الكائنات الحيّة فيها، وبركاتها ومواهبها، لأوضح دليل على قدرة الخلاّق العظيم.
فهل أنّ القادر على كلّ هذه الاُمور، عاجز عن إعادة الإنسان بعد الموت إلى الحياة؟
تشير الايتان الي دروس وعبر نذكر منها:
- يؤمن البعض من الناس بالله تعالى، و لكنهم يفترون ولا يؤمنون بالمعاد لأن الإيمان بالله واليوم الاخر يحمل الانسان مسؤولية الالتزام بالشرع.
- إن رفض الإيمان بالاخرة هو سبب حدوث الانحرافات والخوض في مستنقع الغي والضلالة.
- إن التأمل في عظمة الخلق من شانه تقوية روحية الإيمان بالله تعالى.
- كيف سيهرب الانسان من عذاب الله في يوم الاخرة في حين لا يقوى على تحمل الحوادث الطبيعية التي يواجهها في حياته .
- إن التفكر و التأمل في عالم الوجود يؤدي بالانسان إلى التعبد والخضوع أمام إرادة الله تعالى و يحرره من طاعة غير الله و هو مبدء السعادة الحقيقية التي تتحقق في ظل العبودية لله تعالى .. ايها الاكارم وصلنا الي نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل أن نلقاكم مجددا نستودعكم الله عزوجل و إلى اللقاء.