البث المباشر

تفسير موجز للآيات 63 الى 68 من سورة الأحزاب

الأربعاء 14 أغسطس 2024 - 16:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 772

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.احبائنا القرانيين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل في هذه الحلقة وقفتنا عند الايات 63 حتى 68 من سورة الاحزاب المباركة وكالعادة نستمع بداية إلى تلاوة الاية 63 من سورة الاحزاب:

يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّـهِ ۚ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ﴿٦٣﴾

جري الحديث في الحلقات الماضية عن مؤامرات المنافقين والأشرار، وقد اُشير في هذه الآية إلى واحدة من خططهم الهدّامة، وأعمالهم المخرّبة، حيث كانوا يوجهون السؤال التالي لرسول الله (ص) : متى تقوم القيامة التي تخبر عنها وتذكر لها كلّ هذه الصفات؟ إن هذا السؤال كان إما بدافع الاستهزاءً، أو لزرع الشكّ حولها في قلوب البسطاء، فتقول الآية: (يسألك الناس عن الساعة).

ينبغي القول ايها الاحبة إن عدم معرفة زمان حدوث أمرما لا يدل على عدم وقوعه . فكلنا نعلم أننا نموت يوماما و لكن نجهل تحديد يومه فهل يعقل أن نقول بعدم الموت بسبب أننا نجهل ساعته ؟

و الأمر الاخر لو اخبرهم النبي بأن القيامة ستحدث على سبيل المثال بعد ألف سنة فهل كان الكفار يبقون أحياء حتى ذلك الحين ليرووا بام أعينهم صدق إخبار النبي وليؤمنوا به و برسالته ؟ لذا فإن الاية تأمر النبي بأن يقول " إنّما علمها عند الله" فلا يعلمها حتّى المرسلون والملائكة المقرّبون.

ثمّ تضيف بعد ذلك: (وما يدريك لعلّ الساعة تكون قريباً).

نستلهم من الأية معاني ومفاهيم منها:

  • إن الجهل بالساعة التي تقوم فيها القيامة لا يضر بأصل الاعتقاد بها كمبدأ أساسي وأصل ديني .
  • إن الحكمة من كون القيامة خافية مجهولة لئلاّ يظنّ أحد أنّه في مأمن منها، ويتصوّر أنّ القيامة بعيدة فعلا، ويعتبر نفسه في معزل عن عذاب الله وعقابه.

 

والان ايها الاكارم ننصت الي تلاوة الايات المباركة 64 حتي 66 من سورة الاحزاب المباركة:

إِنَّ اللَّـهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ﴿٦٤﴾

 خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿٦٥﴾ 

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿٦٦﴾

تطرّقت الآيات إلى تهديد الكافرين، وتناولت جانباً من عقابهم الأليم، فقالت: (إنّ الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون وليّاً ولا نصيراً).

فالولي هو الذي يتولّى القيام بكلّ الأعمال وتنفيذها، أمّا "النصير" فهو الذي يعين على الوصول إلى الهدف المطلوب. إلاّ أنّ هؤلاء الكافرين لا وليّ لهم في القيامة ولا نصير. ثمّ بيّنت الاية التالية جزءاً آخر من عذابهم الأليم في القيامة فقالت: (يوم تقلّب وجوههم في النهار) وهذا التقليب إمّا أن يكون في لون البشرة والوجه حيث تصبح حمراء أو سوداء أحياناً، أو من جهة تقلّبهم في النار ولهيبها حيث تكون وجوههم في مواجهة النار أحياناً، وأحياناً جوانب اُخرى .هنا تنطلق صرخات حسرتهم يوم القيامة حيث يقولون : "ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ".

تعلمنا الايات المباركة دروسا منها:

  • إن الكفر ونكران الحق الذي نتج عن العناد مع الحق فإنه يستتبع الغضب واللعن الالهي في الدنيا والاخرة .
  • خلافا للنظام السائد في الدنيا فإن الاخرة لا تشهد تخليص الناس بعضهم لبعض من المشاكل والعقوبات الجزائية .
  • إن طريق الخلاص الوحيد في الدنيا والاخرة هو الامتثال لأوامر الله ورسوله و أن التساهل في هذا الأمر يستتبع الندم والخسران في الاخرة .

 

والان ايها الاكارم ننصت الي تلاوة الاية 67 و68 من سورة الاحزاب المباركة:

وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿٦٧﴾

 رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿٦٨﴾ 

عندما يرى المجرمون عذاب النار تنطلق ألسنتهم بتوجيه اللوم إلى السادة و رؤساء البلاد العظام، والكبراء باعتبارهم ، هم الذين يتولّون إدارة الاُمور وكأنّهم يقولون: إنّنا قد جعلنا طاعة السادة محل طاعة الله، وطاعة الكبراء مكان طاعة الأنبياء، فابتلينا بأنواع الإنحرافات والتعاسة والشقاء. ومن البديهي أنّ معيار السيادة وكون الشخص كبيراً بين اُولئك الأقوام هو القوّة والسيطرة، والمال والثروة غير المشروعة، والمكر والخداع. وربّما كان اختيار هذين التعبيرين هنا من أجل أنّهم يحاولون توجيه عذرهم ويقولون: لقد كنّا تحت تأثير العظمة الظاهرية لاُولئك.

هنا تثور ثائرة هؤلاء الجهنميين الضالّين، ويطلبون من الله سبحانه أن يزيد في عذاب مضلّيهم وعقابهم أشدّ عقاب فيقولون: (ربّنا آتهم ضعفين من العذاب ) عذابا لضلالهم وعذابا لإضلالهم -.

من المسلّم أنّ هؤلاء يستحقّون العذاب واللعن، وإستحقاقهم للعذاب المضاعف واللعن الكبير بسبب سعيهم في سبيل إضلال الآخرين، ودفعهم إلى طريق الإنحراف.

والطريف ما ورد في الآية 38 من سورة الأعراف، من أنّ هؤلاء المتّبعين الضالّين عندما يطلبون عذاب الضعف لسادتهم وأئمّتهم، يقال: (لكلّ ضعف ولكن لا تعلمون).

نستلهم من الايتين محل البحث معاني نذكر بعضا منها:

  • يحاول المجرمون أن يبرروا اخطائهم في الدنيا و يعلقوها على شماعة الاخرين.
  • إن التقليد الأعمى لكبار المجتمع أمر يرفضه العقل و الشرع وهو امر لا يمكن تبريره في أي حال من الأحوال.
  • إن الذين يقومون بإضلال الاخرين من خلال الاتيان بسنن وعادات خاطئة فهم يتحملون وزر الإضلال و وزر التداعيات السلبية الناتجة عن ذلك.

 

ها نحن مسمعينا الكرام وصلنا الى ختام حلقة اخري من سلسلة حلقات نهج الحياة كلنا امل في نجعل من القران الكريم نهجا مطبقاً في سيرتنا وسلوكياتنا، آمين يارب- و آخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة