البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 6 من سورة السجدة

الأربعاء 14 أغسطس 2024 - 15:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 751

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطاهرين. السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته. معكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة لنغترف غرفة طيبة مباركة من معين القران الكريم والهدي الإلهي الذي ينير الدرب لمن استنار واستهدى.

بعد أن انتهينا من تفسير سورة لقمان المباركة في الحلقة الماضية تتنور أبصارنا بسورة السجدة و هي السورة الثانية والثلاثون بحسب الترتيب الموجود في المصحف الشريف وهي من السور المكية . لنصغ الآن إلى تلاوة مرتلة من الاية الأولى إلى الثالثة من هذه السورة المباركة .

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

الم ﴿١﴾

 تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾

 أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴿٣﴾

الأحبة إن سورة السجدة المباركة هي إحدى السور التسع والعشرين التي تبدأ بالحروف المقطعة و هي بالتحديد تشبه سورة البقرة في مطلعها لأنها تبدأ أيضا بقوله تعالى : الف لام ميم . تشير الأية التالية للحروف المقطعة إلى أن لهذه الأحرف المباركة علاقة وثيقة مع مسألة نزول القران الكريم و هي تريد تبيين حقيقة أن هذا الكتاب العظيم الذي بين أيديكم هو مكون من حروف عربية يتداولها العرب في كلامهم فالله تعالى انزل القران العظيم بهذه الحروف التي بين أيديكم و لكن عجز البشر عن الإتيان بمثله حتى بمقدار آية واحدة .

كتاب جاء من الحق ولا يهدي إلا إلى الحق والصراط المستقيم .أما في المقابل أولئك الذين لم يرضخوا لهذه الحقيقة الناصعة يقومون بتوجيه التهم إلى النبي الكريم ويقولون إن هذا الكلام من إنشائه و وقد تقوله على الله و هو يكذب عليه بهذا الكلام . هذا في حين أن الرسول (ص) لا يهدف إلا إلى إنذار الناس من عذاب أليم يذوقونها لسوء أعمالهم وكفرانهم بأنعم الله تعالى .فهو رحمة للعالمين ولا يريد لهم سوى الخير الذي يحصل عليه الإنسان من خلال الالتزام بالتعاليم الإلهية .

نستوحي من هذه الأيات أولا:

  • كلما حاول المنكرون لحقيقة القران النيل من القران عبر إثارتهم الشكوك والشبهات حوله إلا أن تلك المحاولات لا تجد لها طريقا للنجاح فالقران كلام الله وكلام الله يعلو ولا يعلى عليه .
  • إن القران كتاب للتشريع والهداية و من أنزل هذا الكتاب هو خالق الكون وما فيه .
  • إن الأنبياء جميعا سعوا إلى إبعاد الناس عن طرق الزيغ والانحراف و أن يأخذوا بأيديهم إلى طريق الخير والفلاح .

 

والان أيها الأحبة ننصت إلى تلاوة مرتلة للاية الرابعة من هذه السورة المباركة :

اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿٤﴾

الأيات السابقة إلى مسألة نزول القران الكريم من قبل الله تعالى و هذه الاية تلفت الانتباه إلى خلق الله تعالى للعالم أجمع .فالله الذي أنزل الكتاب على نبيه لهداية البشر ولم يشاركه أحد في ذلك فهو نفسه الذي خلق السموات والارضين وما فيها. كما أن الله تعالى أنزل القران خلال 23 عاما فقد خلق السموات والارض في مراحل وبشكل تدريجي في ستة أيام و مراحل ربما طالت كل مرحلة منها حقبا طويلة .

مما يؤسف له فإن الكثير من البشر يغفلون عن حاكمية الله و خالقيته المطلقة وهم يبحثون عنها لدى المخلوقات والكائنات ليتخذوهم شفعاء عندهم . هذا في حين لا تنفع الشفاعة عند الله تعالى إلا من ارتضاه من رسول . فلا أحد يشفع لأحد إلا بإذن الله تعالى . إن هذه الأية تشير إلى دروس منها :

  •  إن إدارة الكون والمخلوقات هو بيد من خلقهم . فليس من المنطقي أن يخلق الله الخلق والكون ثم يترك إدارتهما وتدبيرهما لغيره أو أنه تعالى أوكل هذه المهمة لمخلوقات أخرى بل إن كل شيئ يحدث في الكون هو بأمر الله تعالى وتحت مشيئته .
  •  إن الإنسان بحاجة إلى الذكر والتنبيه على ما رزق من النعم الإلهية ولولا تذكير الإنسان بالنعم الإلهية لغرق في بحر النسيان والغفلة .

 

والان احباءنا نصغي إل تلاوة الايتين 5 و6 من سورة السجدة المباركة.

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴿٥﴾ 

ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٦﴾

تواصل هاتان الأيتان موضوع تدبير وإدارة الله تعالى لعالم الكون و الخلائق أجمعين . فلا مدبر في الوجود سوى الله تعالى فهو عزوجل لا يدبر شؤون العالم فحسب بل إن جميع أعمالكم وتصرفاتكم تكون أمام عين الباري تعالى ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السموات و هو بكل شيئ عليم و سيخبر العباد بجميع ما عملوا يوم القيامة . وأما المراد من اليوم الذي يكون عند البشر ألف سنة هو يوم القيامة . فكلما حدث ويحدث وسيحدث في الكون كله فإن علمه عند الله تعالى لأن علمه لاحد يحده وقيد يقيده والله تعالى سيحاسب الخلق في يوم القيامة على أساس علمه اللامحدود الذي يعلم به السر وأخفى من السر و كذلك يحاسبهم على أساس رحمته وعزته .

هاتان الايتان ترشدنا إلى دروس منها :

  •  تدار الأرض من السماء فمنها ينزل التدبير وإليها يعرج الأمر .
  •  لاينفصل التوحيد في الربوبية عن التوحيد في الخالقية فالذي خلق الكون هو الذي يدبر أمره .
  •  إن التدبير الإلهي أمر دائم ومستمر وليس مرحليا .
  •  إن الله عالم الغيب والشهادة و لا تخفى على خافية . فعلمه بالغيب كعلمه بالشهادة .

 

الكرام إلى هنا تنتهي حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة نواصل الحديث في سورة السجدة المباركة في الحلقة المقبلة إن شاء الله تعالى . استمتعم لهذا البرنامج من طهران .... في أمان الله و حفظه .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة