اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل على محمد وآله الطاهرين ..
إخوة الإيمان سلام من الله عليكم ورحمته، وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة النور المباركة..
هذه أولاً تلاوة مباركة للآية الخامسة والثلاثين:
أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ﴿٣٥﴾
في الآية كلمة "أم" تعني "بل" والهمزة طبعاً للإستفهام، والمراد بالسلطان هاهنا البرهان.. على هذا يكون المعنى:
هل أنزلنا عليهم حجة أو دليلاً يدعو المشركين للتحدث عنه والإبتعاد عن الله جل وعلا؟
فقوله في الآية وهي تكرس كسابقاتها على نفي الشرك، فهل للمشركين ما يدل على ما هم فيه؟ هل وجدوا في نظام الطبيعة أو في أنفسهم ما يدل على شركهم بالله؟ وهل من كتاب منزل من عنده يقر هذا الشرك؟
طبعاً لا.. فما خرافة المشركين هذه إلا لجهل منهم أو لتعصب واتباعاً لما كان فسار عليه الأقدمون... وما لهم في ذلك دليل معقول أومنقول.
من دروس الآية:
- الإسلام دين المنطق والإستدلال وما يريده من مخالفيه الدليل فحسب
- لا جذور للشرك وإنه يناقض التوحيد القائم أساساً على الأدلة والبراهين الدامغة وكمال العقل والمنطق.
والآن نصغي وإياكم مستمعينا الأفاضل للآية السادسة والثلاثين من سورة الروم المباركة:
وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴿٣٦﴾
وإذا ما مننا على الناس وأذقناهم رحمة منا فرحوا بها، وإذا ما أبتليناهم بمصيبة أو مكروه جزاء ما عملوا يئسوا من رحمة الله بينما المؤمنون حقاً فإنهم يصبرون على الضراء والسراء فهم دائماً في طاعة الله ولا يرجون إلا رضوانه تعالى.
اللافت في الآية ومثيلاتها، تعريف نعم الله ورحمته وإرجعاع مصائبنا وما نعانيه نحن بني الإنسان لأنفسنا نحن جزاء ما عملناه.
فمشكلات الإنسان إنما هي مرآة لأعماله وتصرفاته غير المدروسة في الحياة، أو إنها نتيجة ظلمة الناس وإيذائهم.
أفادتنا الآية:
- غير المؤمنين وضعيفو الإيمان، هم قليلو الإستيعاب يغترون ويستعلون بقليل نعمة، يقنطون وتنقطع بهم السبل كلها حالما يتعرضون لقليل من المرارة والأذى.
- نعم الحياة غير مستقرة فهي ليست دائمة وفي تغيير مستمر وعلى الإنسان أن يعول على الأمور الدنيوية ونعمها، فإن ضياع ما يعول عليها الإنسان يعرضه لليأس وانعدام الأمل في الحيوة.
والآن مستمعينا الأعزاء نبقى مع الآيتين الكريمتين السابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين من هذه السورة المباركة:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٣٧﴾
فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٣٨﴾
ألم يعلم الناس بأن الله يقسم الرزق بحكمة، بما يستحقون.. فيوسع على بعضهم ويضيق على آخرين.. إن في هذه القسمة لآيات لقوم يؤمنون.. على هذا آت حق ذوي القربى والمساكين وأبناء السبيل الذين أضلوا الطريق، فهذا الإنفاق خير لمن يريدون رضا الله، فإنهم هم المفلحون.
تعقيباً لقوله تعالى في الآية السابقة: من الناس من هم ضعفاء في إيمانهم وكذلك في استيعاب الأمور، فإنهم يفترون ما إن يمن الله عليهم بنعمة منه، ويقنطون من رحمته وييأسون بفقدان هذه النعمة، والآية هذه تقول: يرى المؤمنون أن الرزق من عند الله فإن كان قليلاً أو كثيراً فهو بعلم منه وحكمته جلت قدرته.
تخلص الآيتان المتقدم ذكرهما لنية الإنفاق ودوافعه وتقولان: بديهي أن فاعل الخير يرضى له عمله إن كان لوجه الله لإلقاء الشهرة والإستعلاء، فما ينفقه مرضاة لله فيجب أن لا يمن به على المحتاج.
دروس الآيتان:
- لو أذعنّا بأن الرزق من عند الله فعلينا أن لا نقصر في الإنفاق للمحتاجين ومحرومي المجتمع بما أنعم الله علينا.
- إن لم يكن الإنفاق لوجه الله فإن المستفيد من هذا الإنفاق المحتاج فحسب، أما المنفق فلا أجر له في الآخرة.
- لذوي القربى والمحرومين حق وحقوق في ثروة الإنسان وما ملكت يراه، ما يحتم أداء كل منهم حقه وحقوقه كاملة.
- الأثرياء مكلفون بإعطاء الخمس والزكوة، فضلاً عن الإنفاق لإزالة الفقر عن المجتمع... بمعنى عدم الإكتفاء بالواجب من إنفاقه.
- الإسلام، دين يؤكد بصفة خاصة على مكافحة الحرمان إستئصال الفقر من المجتمع، من أجل فإنه يولي البؤساء والمحتاجين والمستضعفين وسواهم عناية خاصة.
إنتهت الحلقة هذه من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء في حلقة جدية نستودعكم الله والسلام عليكم.