البث المباشر

تفسير موجز للآيات 30 الى 34 من سورة الروم

الأربعاء 14 أغسطس 2024 - 15:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 736

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد حمد الشاكرين و صل اللهم على محمد و على أهل بيته الطاهرين. مستمعين الأفاضل إخوة الايمان و العقيدة سلام عليكم و رحمة الله و بركاته.حللتم اهلا و وطاتم سهلا في حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة مع تفسير آيات أخر من سورة الروم المباركة.

 

ايها الافاضل نبدا الحلقة بتفسير ما تبقى و وصلنا الى الآية الثلاثين و هي قوله تبارك و تعالى:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾

أيها الأفاضل

الفطرة هي غريزة في الإنسان تقبل الخير إن علمت أنه خير و ترفض الشر إن علمت أنه شر.

و أناه الرسول الاكرم بقوله: (كل مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، حتى يكون َأَبَوَاهُ هما الذان يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ). أما كلمة حنيفا فتعني هنا من إستقام على فطرة الله التي فطر الناس عليها مبتعدا عما يدنسها من الأهواء و الأغراض. والمراد بفوله تعالى(لا تبديل لخلق الله) إن الدين عند الله قائم و ثابت على اساس هذه الفطرة لا يحول عنها و لايزول. و ذلك إشارة لما أوجب سبحانه على العباد أن يلتزموه قولا وعملا. فهو الدين المستقيم الذي لا ترى فيه عوجا و أمتا أي ضعفا.

تدل الآية على أن الدين يرتبط بالفطرة طبعا لا بمعنى أن الفطرة هي المشجع والآمر و الناهي و أن مهمة الدين الكشف و التعبير عن احكام الفطرة. فما تعنيه الآية تحديد ما يقاس به الدين من عقيدة و شريعة و اخلاق بما ينسجم مع فطرة الناس و مصالحهم فما شراعه سبحانه تعالى من احكام العباد يضمن مصلحة الفرد أو الجماعة. هذا هو الضابط و الفاصل بين احكام الله و أحكام سواه بين شريعة الحق و بين شريعة الباطل.

على هذا إن الاسلام لا يرفض بقية الأديان والمذاهب بكل ما فيها بل ينظر اليها نظرة المدقق المنصف فيقر منها ما يتفق مع فطرة الله و يرفض ما عدا ذلك.

علمتنا الآية:

  •  ان الفطرة التي فطر الناس عليها ميالة للحق و تنفر عن الباطل و ان دينه سبحانه و تعالى قائم على الحق و ان ميل الانسان الى الحق لامر فطري.
  •  اساس الدين امر فطري لكن يجب العمل بتعاليم الفطرة لترسيخها و إبقائها في الذات و وجود الإنسان.
  • هناك تنسيق بين نظام خلق الانسان و نظام التشريع الالهي مرد النظامين منبع واحد و لايوجد اي تضارب بين الإثنين.

 

نصغي الآن الى الآيتين 31 و32 من سورة الروم المباركة ثم نعود:

مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٣١﴾

مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٣٢﴾

أيها الأفاضل الإنابة تعني الإنقطاع الى الله تعني أيضا العودة و الرجوع مرة بعد مرة على هذا يكون المعنا إرجعوا إلى هذا الدين و أطيعوا جميع أحكامه و أقيموا الصلاة فإنها تذكركم بالله و لاتكونوا من المشركين أي أخلصوا له وحده في جميع أقوالكم و أفعالكم. و صفة المشركين أنهم فرقوا دينهم و كانوا شيع أي فرق و كل فرقة شيعة و قد سموا بذلك لأن بعضهم يشيع بعضا على مذهبه و شيعة الحق من إجتمعوا على الحق و شيعة علي بن أبي طالب هم الذين إجتمعوا على الحق لأن الحق معه يدور معه حيث ما دار كما ورد في الحديث النبوي المشهور.

من دروس الآيتين المباركتين ما يلي:

  • ميل الانسان بالفطرة الى الدين يفتح فيه براعم و يعطي اكله إن كان من الداعين الى الله و المنيبين له و من أهل التقوى و مقيم الصلاة.
  •  التوحيد هو عامل الوحدة و تلاحم المجتمعات البشرية اما الشرك فهو عامل تفرقة المجتمعات البشرية و تفككها.
  • إحداث التفرقة في المجتمع هو النيل من وحدة كلمتهم يدل على النأي عن النهج التوحيدي و الإبتلاء بالشرك.

 

ننتقل الآن مستمعين الأفاضل الى الآيتين 33 و34من سورة الروم المباركة نصغي اليهما ثم نعود الى موجز تفسيري:

وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ﴿٣٣﴾

لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ۚ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣٤﴾

أيها الأفاضل حياكم الله

قوله تبارك و تعالى في الآية فإذا مس الناس ضر يعني إذا أصابهم مرض أو فقرأو شدة دعوا الله سبحانه و تعالى منقطعين اليه مخلصين في الدعاء ثم إذا أذاقهم منه رحمة بأن يشفيهم من المرض أو يغنيهم من الفقر أو ينجيهم من الشدة إذا فريق منهم بربهم يشركون أن يعودون إلى عبادة غيرالله مع خلاف ما يقتضيه العقل من مقابلة نعم الله سبحانه و تعالى بالشكر.

ثم بين الله أنهم يفعلون ذلك ليكفروا بما آتيناهم من النعم فغرض الشرك كفران نعم الله سبحانه تعالى لاغير.

ثم إن الله سبحانه يخاطبهم محددا لهم فتمتعوا أي بهذه الدنيا و انتفعوا بنعيمها الفاني كيف شئتم فسوف تعلمون عاقبة كفركم .

أفادتنا الآيتان:

  •  من الناس من يدعون الله و يذكرونه في المحن و المصائب فحسب يبدو انهم يريدون الله و يدعونه لحل مشكلاتهم و الا فلا حاجة لهم به سبحانه تعالى.
  •  عند الشدائد و المحن و تعاظم الامور يزول غبار الغفلة ليعود الانسان لذاته و فطرته الباحثة عن الله.
  •  من شان الرفاهية و رغد العيش إعداد الارضية للغفلة عن ذكرالله و الإبتلاء بروح الكفر و الجهود.

 

و هكذا مستمعين الأفاضل ناتي لنهاية حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة على أمل لقاء بكم في حلقة قادمة مع تفسير موجز لآيات الذكر المباركات نسألكم الدعاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة