البث المباشر

تفسير موجز للآيات 67 الى 69 من سورة العنكبوت

الأربعاء 14 أغسطس 2024 - 15:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 729

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على خيرة خلقه وآله الأطهرين.

إخوة الإيمان السلام عليمن وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وتفسير ما تبقى من سورة العنكبوت المباركة هذى أولاً تفسير الآية السابعة والستين:

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَكْفُرُونَ ﴿٦٧﴾

 

ضمير "يروا" في الآية يعود لمشركي مكة المكرمة الذين حاربوا الرسول (ص) بقرينة قوله تعالى "حرماً آمناً" وقد ذكرهم سبحانه بما خصهم به جون سواهم من الإقامة في بلد الأمن والأمان على الأنفس والأموال، والناس من حولهم في قلق وخوف على حياتهم وأموالهم.

تقدم نظير ذلك، في الآية الخامسة والعشرين بعد المائة من سورة البقرة:

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ

والآية السابعة والتسعين من سورة آل عمران:

فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً

وأيضاً في الآية السابعة والخمسين من سورة القصص:

أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ

وكل من خضع للباطل، ورضي بغير الحق طمعاً في الدنيا وحطامها فهو من الذين آمنوا بالباطل وكفروا بفضل الله وإحسانه.

إذن ففي هذه الآية توبيخ آخر لمشركي مكة لأنهم يقابلون النعمة هذه أي نعمة الأمان في أرضهم وديارهم بالكفران من خلال عبادتهم للأوثان، خاصة وان غيرهم يتعرضون للقتل والسبي والنهب وهي أمور كان عرب الجاهلية يعيشونها أي في التغاور والتناهب.

ما علمتنا الآية المباركة هذه:

  • الأمن والأمان من نعم الله الكبرى يوجبان الشكر لا قولاً فحسب، وإنما بالنأي عن كل صنوف الشرك ونبذها.
  • التذكير بالنعم الإلهية، من شأنه التمهيد لدعوة الناس الى التوحيد.

والآن نصغي وإياكم مستمعينا الكرام إخوة وأخوات للآية المباركة الثامنة والستين من سورة العنكبوت:

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴿٦٨﴾

 

قوله تعالى "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا" أي لا ظالم أظلم ممن جعل مع الله إلهاً آخر "أو كذب بالحق" أي بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وآله فليس لهؤلاء الكفار المكذبين مثوى أو مقام في الآخرة سوى النار، وهذا مبالغة في إنجاز الوعيد لهؤلاء المشركين.

على هذا يفسر الظلم في القاموس البشري أو قاموس بني الإنسان بالعلاقات الإجتماعية والظالم بمن يضيع حق غيره، وفي القاموس الديني، وإن ذم هذا النوع من الظلم واستنكر بقوة، إلا أنه بشير الى ما أنكر من ذلك وأقبح ويعد مصدر الكثير من صنوف الظلم، فالشرك بالله، هو الظلم لله ذلك إنه ما من شيء يضاهي سبحانه، كذا الحال بالنسبة لتكذيب رسل السماء ورسالاتهم، فإنه ظلم لهم على نبينا وآله وعليهم الصلوة والسلام.

ذلك أن هذا التكذيب يعني تجاهل معاناة هؤلاء الرسل في تبليغ الرسالة والكفر بهذه النعمة الكبيرة التي تضمن البشرية خير الدنيا والآخرة، وهذا ما يترتب عليه أشد العقاب في الدنيا وأشده في الآخرة وهو عذاب النار.

أفادتنا الآية:

  • أشد أنواع الظلم قسوة وضراوة الظلم المتشافي القائم على نكران قول الحق ومحاربته والترويج للقول الباطل، فالظالم المكذب للحق والناكر له، لا يستجيب طبعاً لذلك أي لما هو حق.
  • إضفاء شيء على الدين أو تعاطي الدين مزاجياً، بدعة في الدين وافتراء على الله، فإننا جميعاً مدعوون لاتباع تعاليم الدين والعمل بها.. لا لاتباع الأفكار والآمال والأهواء الشخصية.

والآن نستمع للآية المباركة التاسعة والستين وهي الأخيرة من سورة العنكبوت المباركة:

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾

 

الجهد، يعني الوسع والطاقة والمجاهدة هي إستفراغ الوسع في دفع العدو والجهاد، ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس وهي الأهم.

وقوله "جاهدوا فينا" أي استقر جهادهم فينا، علماً أن للجهاد في الله مظاهر، منها طلب العلم لله، وطلب العيش بكد اليمين، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأفضلها جميعاً الجهاد لتطهير الأرض من الظالمين والمفسدين ونصرة الإمام الحق والمستضعفين والمظلومين، والله سبحانه يهدي الى الحق والرشد كل من أخلص في نيته وأحسن في عمله ويوفق المجاهدين في سبيله.

والذين يعملون بما يعملون بهديهم الى ما لا يعلمون من أبواب الخير"وإن الله لمع المحسنين" بالنصر والمعونة في دنياهم والثواب والمغفرة في عقابهم وبالله التوفيق.

أفهمتنا الآية:

  • إن الله يهدي الناس جميعاً، وخاصة من أخلص منم له سبحانه وفي عمله وما يوصله الى المقام المحمود.. طبعاً الخطوة الأولى هي التي يبادر إليها الإنسان بالذات.
  • ما يلزم العمل وما يقوم به المرء خلوص النية، ففي ذلك ضمانة التوفيق من الله لبلوغ الهدف.. فإنه هو الهادي ولا يخيب أجر من عمل صالحاً.
  • إن الله تعالى يأخذ بيد السائر في سبيله والمجاهد في سبيل مرضاته، الى الغاية المنشودة، فهو الناصر وهو المعين.

إنتهت أيها الإخوة والأخوات الكرام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، وبانتهائها نكون قد تفرغنا من تفسير سورة العنكبوت بآياتها التسعة والستين المباركة.

موعدنا معكم في تفسير السورة التالية من القرآن الكريم آي سورة الروم المباركة إن شاء الله.

حتى ذلك الموعد نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة