البث المباشر

تفسير موجز للآيات 62 الى 66 من سورة العنكلبوت

الأربعاء 14 أغسطس 2024 - 15:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 728

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلوة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وسلم.

إخوة الإيمان السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي الذكر الحكيم، في هذه الحلقة نتابع وإياكم مستمعينا الأفاضل تفسير ما تبقى من سورة العنكبوت.. هذا أولاً تفسير الآية الثانية والستين:

اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٦٢﴾ 

أشرنا في الحلقة السابقة من البرنامج، الى أن المسلمين في مكة كانوا يعانون من تضييقات المشركين وأذاهم، فيما تعرضوا بضع سنين لحصارهم التجاري والإقتصادي، لكن بعض المسلمين بالرغم من كل ذلك وأيضاً ظروف كهذه رفضوا ترك مكة والهجرة الى يثرب خشية من الفقر بسبب فقد أموالهم وأعمالهم في مكة والآية هذه تحذرهم من التخلي عن الإيمان خشية الفقر وعدم رواج سوق العمل وما يلي ذلك من مشكلات من أجل كسب لقمة العيش.. كما تدعوهم الى الثبات في عقيدتهم وإيمانهم فالرازق هو الله فإن لزم الأمر عليهم أن يهاجروا إستجابة لما دعاهم الرسول صلى الله عليه وآله فالله تعالى هو الذي يبسط الرزق ويوسعه على من يشاء من عباده ويضيقه على من يشاء بما تقتضيه المصلحة لأنه جل وعلا بكل شيء عليم فهو المتكفل برزقهم في يثرب مثلما هو المتكفل برزقهم في مكة.

ما تعنيه الآية:

  • إننا مدعوون للسعي والعمل كسباً للرزق الحلال، فهذا واجب وإن كان مقدار هذا الرزق خارج عن إرادتنا.. فهو يأتي على وفق حكمة إلهية.
  • تباين الناس واختلافهم في الرزق كتباينهم واختلافهم في التمتع بالمواهب والذكاء وتقدير الرزق لهم يأتي وفق سنن الله في تربية الخلق بما فيه صلاحهم.

نستمع الآن للآيتين الثالثة والستين والرابعة والستين من سورة العنكبوت المباركة:

 وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٦٣﴾

وَمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٦٤﴾ 

 

قوله تعالى "ولئن سألتهم" أي وإن سألت المشركين "من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن" في الجواب "الله" عند ذاك "قل الحمد لله" على كمال قدرته وتمام نعمته وعلى ما وفقنا للإعتراف بتوحيده والإخلاص في عبادته، ثم قال سبحانه "بل أكثرهم لا يعقلون" أي أن المشركون لا يلتزمون بتوحيد ربهم مع إقرارهم بأنه خالق الأشياء ومنزل المطر من السماء لأنهم لا يتدبرون وعن الطريق المفضي الى الخق يعدلون فكأنهم لا يعقلون انهم كاذبون مضرون يناقضون أنفسهم بأنفسهم.

وقوله "وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب" المراد بالدنيا هنا، دنيا أهل الظلم والترف والإفساد والإسراف على حساب الضعفاء، ودنيا المستعمرين والصهاينة صانعي الموت ومدبري المؤامرات والإنقلابات الرجعية، ودنيا شركات الإحتكار والإستغلال والخيانة والعمالة والإتجار بالدين والوطنية، ودنيا الصحافة المأجورة لتسميم الأفكار وتشويه الحقائق والإشاعات الكاذبة.

هذه هي دنيا العبث والفساد والشر والضلال التي يمقتها الله وأعد لأهلها عذاب الحريق، أما دنيا الطيبين والأحرار المناضلين والشرفاء الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، فهي دنيا الحق والخير والهدى والفلاح التي ينال بها رضا الله والفوز بنعيمه وجناته "وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون" نفسر ذلك بقول الإمام علي عليه السلام: كل نعيم دون الجنة محقور وكل بلاء دون النار عافية.

وقوله أيضاً في وصف الجنة لا ينقطع نعيمها، ولا يظعن مقيمها ولا يهرم خالدها ولا يبأس ساكنها.

اللافت في الآيتين:

  • معرفة الله أمر فطري، فبإزاحة غبار الخطايا والذنوب والضلال تتدلى الحقيقة لمن أغواهم الشيطان.
  • ما أكثر الذين يتغافلون ويأبون التفكر أو التأمل في مبدئهم وعاقبتهم وأمر الدنيا.
  • التغافل عن الدار العقبى وتجاهل حقيقة أمرها، يوجبان التعلق بأمر الدنيا ومغرياتها المادية.
  • الحياة إنما هي الحياة الآخرة التي فيها يتبوأ كل مكانه الحقيقي.. ولا يظلم فيها أيضاً أحد ولا حقاً يضيع له.

والآن نبقى وإياكم مع الآيتين المباركتين الخامسة والستين والسادسة والستين من السورة:

فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴿٦٥﴾

 لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿٦٦﴾ 

 

قوله عزوجل "فإذا ركبوا" الى آخره ظاهر والآية تبين تناقضاً آخر من تناقضات المشركين وكفرانهم للنعمة.

وقيل: إن أهل الجاهلية كانوا إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام، فإذا اشتدت بهم الريح ألقوا فيه، وقالوا: يا رب يا رب وليس هذا ببعيد، فقد كان بعضهم يصنع صنماً من التمر فإذا جاع أكله.

وقوله تعالى "ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون" أي ما إن أنجاهم الله من هياج الريح وتلاطم أمواج البحر والهلاك حتى عادوا الى ما كانوا عليه من الشرك ليكفروا بما أنعم الله عليهم من النجاة وليتمتعوا الآن بكرم سبحانه وحلمه ويواصلون ارتكاب الموبقات والشرك وعبادة الأوثان لكي يحل بهم غداً الخزي والعذاب.

أفهمتنا الآيتان:

  • يجب غبار الغفلة الرؤية عن فطرة الإنسان، بينما تزيح الحوادث والوقائع الخطرة ستار الغفلة جانباً لتوقظ فيه فطرة الإيمان بالله.
  • إستجابة الدعاء الخالص لله وان كان من جانب الكافر.
  • الشرك بالله نكران وكفر بما أنعم سبحانه من نعم لا تعد ولا تحصى، والتوحيد شكر على ما أنعم.

إلى هنا مستمعينا الأكارم نأتي الى نهاية هذه الحلقة موعدنا وإياكم في حلقة جديدة من البرنامج إن شاء الله حتى ذلك الموعد نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة