البث المباشر

تفسير موجز للآيات 19 الى 23 من سورة العنكبوت

الأحد 12 إبريل 2020 - 07:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 719

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وسلم على خاتم الأنبياء والرسل وآله الأطهرين.

إخوة الإيمان المستمعين والمستمعات أهلاً بكم جميعاً في هذه الحلقة من برنامج نهج الحيوة وتفسير آي أخر من سورة العنكبوت المباركة، نستهله بالآيتين التاسعة عشرة والعشرين:

 أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّـهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿١٩﴾ 

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّـهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٠﴾

 

يفسر معنى الآية الأولى قول الإمام علي عليه السلام "عجبت لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يرى النشأة الأولى".

إن ضمير الفعل "يروا" في قوله "أولم يروا" عائد للمكذبين من جميع الأمم سابقاً ولاحقاً، والمراد بالرؤية النظر العلمي لا الرؤية بالعين، ومعنى الآية: أولم يعلم كفار مكة الذين أنكروا البعث وأقروا بأن الله هو الخالق كيفية الإبداء ثم الإعادة أي أن الإثنين من سنخ واحد هو إنشاء ما لم يكن فذلك على الله يسير غير متعذر لأن من قدر على الإنشاء والإبتداء فهو على الإعادة أقدر، ثم خاطب الله عزوجل نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وآله بأن يطلب من منكري المعاد أن يسيروا في الأرض فينظروا كيف بدأ الخلق ويتفكروا في آثار من سبقهم فيها وما آل إليه أمرهم ليكون عبرة لهم ومدعاة للعلم بقدرة الله عزوجل على خلق النشأة الآخرة.

فإذا علموا أنه لا خالق إبتداءً إلا هو سبحانه لزمتهم الحجة في الإعادة وهو قوله: "ثم الله ينشئ النشأة الآخرة" أي ثم الله الذي خلقها إبتداءً ينشئها هو أيضاً ثانية "إن الله على كل شيء قدير" منن إنشاء وإفناء وإعادة وما إلى ذلك.

أفادتنا الآيتان:

  • إن القرآن، لا ينفك عن دعوة الناس للتفكير والتعقل دركاً لحقائق الكون.
  • الخلق مظهر علم الله وقدرته اللامتناهية في إيجاد الحيوة والموت لدى الكائنات.
  • يوصي الإسلام ويؤكد على السياحة الهادفة ودراسة الطبيعة بحثاً عن الحقيقة، فمن شأن حسن دراسة الخلق والبحث الدقيق فيه، زيادة معرفة الله الخالق سبحانه وتعالى.
  • خير ما يدل على البعث وإمكانية المعاد، تجلى قدرة الله في بدء الخلق وإنشاء الكائنات من العدم.

نستمع الآن للآيتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين من سورة العنكبوت المباركة:

يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ﴿٢١﴾ 

وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿٢٢﴾

 

إن بيد الله سبحانه الثواب والعقاب يعذب من يشاء ويرحم من يشاء لكنه سبحانه لا يشاء إلا على أساس الحكمة والعدل وما هو الأحسن من الأفعال فيعذب من يشاء ممن يستحق العقاب "ويرحم من يشاء" ممن هو مستحق للرحمة بأن يغفر له بالتوبة وسواها، لأن الله عادل وحكيم يجزي كل نفس بما كسبت وقوله عزوجل "وإليه تقلبون" يعني ترجعون معاشر الخلق إليه يوم القيامة، فالقلب هو الرجوع والرد.

فمعنى ذلك: إنكم تردون إلى حال الحيوة في الآخرة حيث لا يملك النفع والضر إلا الله، وهذا يتعلق بما قبله، كأن المنكرين للبعث، قالوا إذا كان العذاب غير كائن في الدنيا فلا نبالي به فقال وإليه تقلبون وكأنهم قالوا صرفنا إلى حكم الله فدرنا.

فقال سبحانه "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء" أي ولستم بفائتين عن الله في الدنيا ولا في الآخرة فاحذروا مخالفته.

وقوله "وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" أي ليس لكم اليوم ولي من دون الله يتولى أمركم فيغنيكم عن الله ولا ينصركم فيقوي جانبكم ويتمم ناقص قوتكم فيظهركم عليه سبحانه.

على هذا، تنفي الآية ظهورهم على الله وتعجيزهم له بالخروج والإمتناع عن حكمه الذي لا ترد له ولا ملجأ منه إلا إليه.

أفهمتنا الآيتان:

  • قرن الله رحمته بغضبه لكي يرجو رحمته المحسنون ويخشى غضبه المسيئون.
  • إن إرادة الله ومشيئته بالنظر لآيات القرآن الأخر تعتمدان العدل والحكمة وأن سبحانه لا يظلم مثقال ذرة أحداً.
  • لا منازع لقدرة الله وقضائه، فما من أحد يقدر على غلب إرادة الله وإن كان معززاً بكل مستلزمات القوة.

والآن نبقى مع الآية الثالثة والعشرين من سورة العنكبوت المباركة:

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ وَلِقَائِهِ أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٣﴾

اليائس من رحمة الله نتيجة حتمية للكفر به وباليوم الآخر، وجزاء من يئس من رحمة الله وثوابه كفراً وجحوداً هو أن يذوق عذاب الحريق.

فقوله تعالى "والذين كفروا بآيات الله ولقائه" الى آخر الآية والذي يخاطب به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، يعني أن الذين جحدوا بالقرآن وبأدلة الله "ولقائه" بعد الموت "اولئك يئسوا من رحمة الله" أي عليهم أن ييأسوا من الرحمة الإلهية لسوء فعلهم وإنكارهم المعاد "واولئك لهم عذاب أليم" وفي هذا دلالة على أن المؤمن بالله واليوم الآخر لا ييأس من رحمة الله.

أفادتنا الآية:

  • إن رحمة الله واسعة تسع لكل شيء ما يتيح للناس جميعاً أن ينال منها قدر وسعه.. فما يحول دون نيل رحمة الله هذه، الكفر به سبحانه وباليوم الآخر.
  • لا يقنط من رحمة الله الواسعة إلا الكافرون.

إنتهت بذلك هذه الحلقة من برنامج نهج الحيوة، ومعدنا معكم أعزاءنا المستمعين في حلقة جديدة مرتقبة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة