بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على الحبيب محمد وآله الطاهرين.
إخوة الإيمان سلام من الله عليكم ورحمته وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة نختتم بعونه تعالى بها تفسير سورة القصص المباركة فبادئ ذي بدء نستمع للآية السادسة والثمانين منها:
وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ ﴿٨٦﴾
لما نزل النبي بالجحفة في مسيره مهاجراً من مكة الى يثرب التي عرفت بالمدينة المنورة لاحقاً، إشتاق الى مكة، فأتاه جبرئيل – ع – بالآية "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد" مبشراً إياه بالعودة الى مكة فاتحاً ومكرماً.
أما هذه الآية فتذكر نعمة أخرى أنعم بها الله عليه – صلى الله عليه وآله – وهي نعمة إنزال القرآن الكريم عليه رحمة للعالمين، وهذا الكتاب الإلهي هو سلاحه في مواجهة الكافرين، على هذا يكون في النهي عن إعانتهم إشارة الى أن إلقاء الكتاب إليه صلى الله عليه وآله نعمة من الله عليه يهدي به الى الحق ويدعو الى التوحيد فعليه أن لا يعين الكافرين على كفرهم.
ما تعلمناه من الآية:
- رداً على ما تذرع به الكافرون الذين قالوا لو لا نزل هذا القرآن على رجل منا يشير سبحانه وتعالى الى أن النبي الأكرم ما كان يرجو إنزال الكتاب إلا رحمة من الله للعالمين.
- تخطر رسالة الأنبياء والمرسلين، أي عمل من شأنه تقوية الكافرين والظالمين.
والآن نستمع للآية السابعة والثمانين من السورة:
وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّـهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ ۖ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٨٧﴾
الآية وما بعدها بيان لقوله "فلا تكونن ظهيراً للكافرين" تفيد توكيد النهي المتكرر عن الإنصراف عن تبليغ القرآن النازل بسبب كلام الكافرين وإتهامهم كتاب الله بأنه شعر أو كهانة أو أساطير الأولين، كما أن الآية تأمر بالدعوة الى الله وتوحيده واجتناب الشرك الظاهر والخفي.
نبهتنا الآية:
- لا يأمن كيد المشركين وما يخطط له أعداء الدين حتى الأنبياء والمرسلين إلا بعصمة الله لهم فعلينا التمسك بديننا والعمل على المحافظة عليه وصونه وكذلك دعوة الآخرين للدين الحنيف.
- إن الله تعالى هو الذي يتولى تربية الأنبياء الذين لا يقدمون على شيء إلا بإذنه وإشرافه هو سبحانه.. فإنه بأوامر سبحانه ونواهيه إنما يذكر رسله بوجوب أداء الرسالة خير أداء.
- مهمة الأنبياء تبليغ الرسالة ودعوة الناس الى الله أولاً ومحاربة الكفر والشرك ثانياً.
والآن نستمع للآية الثامنة والثمانين والأخيرة من سورة القصص المباركة:
وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٨﴾
قوله تعالى "وى تدع مع الله إلها آخر" تفسير لقوله عزوجل: "ولا تكونن من المشركين" أي لا تعبد مع الإله الواحد إلها غيره ووجه الشيء في العرف العام ما يستقبل به غيره ويرتبط به إلينه كما أن وجه الجسم السطح الظاهر منه، ووجه الإنسان النصف المقدم من رأسه ووجهه تعالى ما يستقبل به غيره من خلقه ويتوجه إليه خلقه به وهو صفاته الكريمة من حياة، علم، قدرة، سمع، بصر وما ينتهي إليه من صفات الفعل، كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والمغفرة والرحمة، كذا آيته الدالة عليه بما هي آياته كأوليائه المعصومين – عليهم السلام -.
علمتنا الآية:
- الموحد المؤمن بالله حقاً، هو المتحرر من كل قيود العبودية وأغلالها والصامد بوجه الطواغيت وقوى الإستكبار التي يخال إليها أنها الآمر والحاكم المطلق في الأرض وعلى من فيها.
- الدنيا ومن فيها فانية والله وما هو صبغة الله باق أبداً.
- ليس الموت الفناء والهلاك.. بل العودة الى مبدأ الوجود وحيث تبدأ الحياة الأخرى الخالدة.
- بإنتهاء هذه الحلقة وبالتحديد هذه الآية ينتهي تفسير سورة القصص المباركة بآياتها المكية الثمانية والثمانين.
على أمل اللقاء المجدد وتفسير سورة العنكبوت المباركة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته وبركاته.