البث المباشر

تفسير موجز للآيات 47 الى 50 من سورة القصص

السبت 11 إبريل 2020 - 10:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 706

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على رسولك الأمين وعلى آله الأطهرين..

إخوة الإيمان طابت أوقاتكم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة القصص المباركة، نستهله بالآيتين السابعة والأربعين والثامنة والأربعين منها:

وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾ 

فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴿٤٨﴾

 

تشير الآيتان لإحدى سنن الله على مدى التاريخ، وهي: إن الله وهب الإنسان العقل ليميز به صالح الكثير من الأمور والأعمال وطالحها، ويدرك صواب العقائد والسنن والعادات والتقاليد وسقمها، على هذا، لا يعاقب الله كما اقتضت سنته قوماً حتى يبعث إليهم رسولاً، وإلا قالوا (ربنا لو لا أرسلت إلينا رسولاً) لاهتدينا ونجونا.

فمعنى قوله: (ولو لا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم) الى آخر الآية: هو لو لا أن للقوم أن يحتجوا لو أصابتهم عقوبة بأن يقولوا هلّا أرسلت إلينا رسولاً يدعونا الى ما يوجب الإيمان به فنتبع الرسول ونأخذ بشريعته ونصدق به لما أرسلنا الرسل، ولكنا أرسلنا رسلاً لقطع حجتهم، وهذا في معنى قوله: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسول.

وفي الآيتين إخبار عن موقف مشركي قريش في جحود الرسالة المحمدية ومعجزة نزول القرآن الكريم وقد روي في كتب أسباب النزول أن الآيتين نزلتا حين بعث مشركي مكة وفداً لرؤوس يهود المدينة في عيد لهم.

فسألوهم عن محمد صلى الله عليه وآله، فأخبروهم بما تنعته أو تصفه التوراة، فرجع الرهط الى قريش فأخبروهم بما قاله اليهود، فقالوا (سحران تظاهرا) أي التوراة والقرآن (وقالوا إنا بكل كافرون) أي كافرون بالتوراة والقرآن وكذلك بنبوة موسى عليه السلام والرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله - .

علمتنا الآيتان:

  • إن الله ببعثته الأنبياء والرسل، قد أتم حجته على عباده، وسد عليهم كل الطرق وما يوجب التعلل والإعتذار.
  • كل ما يعانيه المنحرفون من مشكلات وبلايا هي من صنع أيديهم و نتيجة أعمالهم وإنحرافهم عن قيم السماء.
  • السحر والشعوذة أكثر ما كان الكفرة يهتم بهما الأنبياء والرسل، فما كانوا يزعمون هو أن التوراة والقرآن كتابا سحر متظاهران، أي كل من الكتابين ظهير الكتاب الآخر.

والآن نستمع للآيتين التاسعة والأربعين والخمسين من سورة القصص المباركة:

قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤٩﴾

 فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٠﴾

 

في ضوء ما تقدم واتهام الكفرة، رسل السماء بالسحرة، يخاطب سبحانه في الآيتين نبي الإسلام بما مضمونه (قل) للمناوئين ومن خالفك وناكري التوراة والقرآن هذين الكتابين السماويين (فأتوا بكتاب) هو أهدى منهما لأتبعه أنا وآمن به (إن كنتم صادقين) فيما تدعون، بعبارة أخرى يقول النبي صلى الله عليه وآله: ما أتطلع إليه أنا وأنشده، الهداية الإلهية، فإن بعثتم أنتم وجئتم بكتاب من السماء، فما علي أنا إلا قبول الكتاب ذاك والعمل به.

(فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) يكون القوم ضالين باتباع الهوى، وهو الإعراض عن الحق وإنحراف عن طريق الرشد وهذا ظلم والله لا يهدي القوم الظالمين ولا يلطف بهم.

فملخص ما تقدم، هو أن القوم لم يأتوا بكتاب هو أهدى من التوراة والقرآن ولم يؤمنوا بهما فهم متبعون للهوى ومتبع الهوى ظالم والظالم غير مهتد وغير المهتدي ضال فهم ضالون.

أفادتنا الآيتان:

  • إثبات الحق، قد يوجب التحدي فهو من دلائل حقيقة الرسالة والقرآن وصدقيتهما.
  • الإنسان مدعو لملازمة الحق واتباعه، والرضوخ لكلام الحق وإن كان على لسان العدو.

الهداية الحقة، ما كانت مستمدة من العلم والحكمة الإلهية اللامتناهية، لا من العلم الناقص والهوس والأهواؤ بني البشر.

سيداتي سادتي، إخوتي وأخواتي الأعزاء، وصلنا لنهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، شكراً للمتابعة، على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة