بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على محمد وآله الأطهرين..
إخوة الإيمان أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة القصص المباركة نستهله بالآية الثالثة والأربعين:
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٤٣﴾
عرضت الآيات السابقة لهذه الآية سوء عاقبة فرعون وملائه وجنودهم الذين كانوا قد غرقوا في مياه نهر النيل، فيما أنجا الله بني إسرائيل.
ثم ذكر سبحانه في هذه الآية أن الله آتى موسى الكتاب أي التوراة.. فسبحانه أنزل التوراة على موسى بعد إصلاح الأقوام تلك "بصائر للناس" أي حججاً وبراهين وعبراً لهم يبصرون بها أمر دينهم وما يستدلون به في أحكام شريعتهم (وهدى) أي دلالة أو ما يهتدى به (ورحمة) لمن آمن بالتوراة (لعلهم يتذكرون) أي يتعظون ويعتبرون.
يروى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه ما أهلك الله قوماً ولا قرناً ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير أهل القرية الذين مسخوا قردة.
ونلمح في هذه الآية دروساً عدة منها:
- جاء الأنبياء والرسل الناس بما أوحي إليهم وأنزل عليهم من كتب السماء رحمة ونعمة لأنهم يهدون للسعادة وما فيه خير الدنيا والآخرة.
- لا تغيير لسنة الله، فهي ثابتة أبداً.. فمن حاد عن الحق مصيره الهلاك.
والآن مع الآيتين المباركتين الرابعة والأربعين والخامسة والأربعين من سورة القصص:
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٤٤﴾
وَلَـٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿٤٥﴾
يخاطب سبحانه وتعالى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بما مضمونه: إنك لم تكن حاضراً وشاهداً حين أنزلنا التوراة على موسى في الجانب الغربي من جبل الطور، فأنزلنا عليك قصة موسى وخبر نزول الكتاب عليه.. وما كنت مقيماً في أهل مدين – وهم شعيب وقومه – وشاهداً على ما جرى موسى هناك فأنزلنا عليك الوحي بأخبار كل ذلك لكي تخبر الناس به فيعتبروا، ففي هذا دلالة على صحة نبوتك.
أفهمتنا الآيتان:
- ما في القرآن من أخبار، هي عموماً أخبار غيبية علمها الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وآله، في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
- من دلائل إعجاز القرآن وأحقية الرسالة الإسلامية، ما أخبر القرآن عنه من الغيبيات وأخبار القرون الأولى.
والآن نستمع للآية السادسة والأربعين من سورة القصص المباركة:
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٤٦﴾
في ضوء ما تقدم تؤكد الآية أن ما جاء به القرآن من أخبار النبي موسى عليه السلام إنما هي أخبار غيبية من ربك أي ولكن الله أعلمك ذلك وعرفك إياه نعمة منه سبحانه وتعالى أنعم بها عليك وهو إن بعثك نبياً واختارك لإيتاء العلم بذلك معجزة لك (لتنذر قوماً) وهم العرب الذين لم يأتهم رسول قبلك (لعلهم يتذكرون) لكي تنذر بها قومك ويعتبروا ويتجنبوا المعاصي ويقلعوا عنها.. وهذا من رحمة الله بالعباد فإن الإنذار والدعوة لطف من الله تعالى مؤثرة في القبول ومقرب منه.
تؤكد الآية:
- من أهداف النبوة وكتب السماء، إنذار الناس وتحذيرهم من الغفلة وتذكيرهم باليوم الآخر.
- يبين العقل والفطرة للناس الكثير من الحقائق لكن الى جانب ذلك عوامل كثيرة أيضاً وراء تغافل الناس عن نداء الضمير هذا وتجاهله، وهذا ما يدعو الأنبياء والرسل لتذكير الناس وإنذارهم لعلهم يتذكرون ويعودوا الى رشدهم والى ما هو حق.
إنتهت أيها الإخوة والأخوات هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة نستودعكم الله جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.