البث المباشر

تفسير موجز للآيات 14 الى 17 من سورة القصص

الأربعاء 8 إبريل 2020 - 14:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج احياة: الحلقة 698

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين.. والصلاة والسلام على النبي الخاتم وآله.

إخوة الإيمان في كل مكان لكم تحية الإسلام وأهلاً بكم في برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من القرآن الكريم..

نستهل حلقة اليوم بتفسير الآية الرابعة عشرة من سورة القصص المباركة:

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤﴾ 

 

تشير هذه الآية وما بعدها لجانب من حياة النبي موسى عليه السلام.. فبلوغ الأشد في قوله تعالى "ولما بلغ أشده" هو أن يبلغ الإنسان العمر الذي تشتد فيه قوى بدنه وتتقوى أركانه بذهاب آثار الصباوة وهو من الثامنة عشرة من عمره الى سن الأربعين، حيث يكمل العقل ويتم الرشد.

والحمن في قوله تعالى "آتيناه حكماً" هو القول الفصل وإزالة الشك والريب مما قد يختلف فيه، وإصابة النظر في المعارف الإنسانية وما يعني بالمبدأ والمعاد والأخلاق النفسانية والشرائع والآداب المرتبطة بالمجتمع.

وأما العلم الذي ذكرت الآية أن الله أعطاه لكليمه موسى – عليه السلام – فهو العلم الذي لا يخالطه جهل وهوى نفساني أو تسويل شيطاني.

وقوله تعالى "وكذلك نجزي المحسنين" فهو يعني أن الله يجزي كلاً بإحسانه شيئاً من الحكم والعلم بما يناسب موقفه في الإحسان.

تعلمنا الآية:

  •  الشباب، هو المرحلة المثلى في حياة الإنسان، ففيها يشتد الإنسان جسماً وروحاً وعقلاً وتتكامل إنسانيته.
  •  الإحسان للغير والتحلي بالمحاسن، يفتحان أمام الإنسان أبواب الفوز بالعناية الإلهية الخاصة والحصول على جزاء المحسنين.

والآن نبقى مع الآية الخامسة عشرة من سورة القصص المباركة:

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴿١٥﴾

 

هذه الآية تحكي بداية فصل ثان من حياة موسى عليه السلام وما صادفه بعد بلوغه أشده وخروجه الى مدين.

فقد مكث موسى – ع – في قصر فرعون حتى بلوغه سن الشباب، وكان كغيره من نزلاء القصر ومن فيه يتمتع برغد العيش ويتعلم فنون القتال.

فذات يوم قدم المدينة وبينا كان يمشي بين أزقتها إذ رأى شخصين يقتتلان، أحد الشخصين كان من بني اسرائيل والآخر من أقباط مصر، فاستنجده الأول، فهرع موسى لمساعدته بعد أن عرفه ووجده مظلوماً، فلكم موسى القبطي فأرداه قتيلاً وهو لا يريد ذلك، فندم على فعلته وهنا أدرك موسى أن مرد كل الضغائن والنزاعات هو الشيطان المتربص ببني آدم، فهو عدو الإنسان ومضل مبين.

وهو الذي أوقع العداوة والبغضاء بين الرجلين وأغراهما على الإقتتال ما أدى الى تدخله هو وقتله القبطي وإيقاعه في خطر عظيم لعلمه بأن ذلك لا يبقى خفياً وأن القبط وأشرافهم وحتى فرعون سينتقمون منه وممن تسبب في هذا القتل.

أفهمتنا الآية:

  •  كان موسى عليه السلام وهو ربيب قصر فرعون نصير المظلومين، لا الظالمين كما الحال بالنسبة لآسية إمرأة فرعون آمنت بموسى وهي تقيم في القصر ومن أجل ذلك آثرت حتى بحياتها.
  •  كان الأنبياء ورسل السماء عليهم السلام، أشخاصاً جبلوا على الفتوة والشهامة والرجولة، ينتصرون للمظلوم ضد الظلم والظالم، ويتحدون جبابرة العصر والطغاة دفاعاً عن المظلومين والمضطرين.
  •  الإيقاع بين الناس هو من عمل الشيطان لذا علينا ضبط النفس وتفويت فرصة هيمنة الشيطان علينا.

والآن نبقى مع الآيتين المباركتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من سورة القصص:

قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾

 قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ﴿١٧﴾

 

ثم بين سبحانه أن موسى – ع – حين قتل القبطي ندم على ذلك، وقال معترفاً لربه بظلمه نفسه التي أوردها مورد الخطر وعرضها للتهلكة فقال: "رب إني ظلمت نفسي" لذا ما لبث أن قال داعياً ربه "فاغفر لي" الى إلغاء تبعة القتل ذاك وإنجائه من الغم وتخليصه من شر فرعون وملئه.

ومعنى "فاغفر لي" هو مثل معنى قول آدم وحواء عليهما السلام، "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين: وقبول الإستغفار والتوبة قد يسمى غفراناً والله هو الغفور الرحيم.

ثم قال موسى – ع – "رب بما أنعمت علي" يعني من المغفرة وصرف بلاء الأعداء عني "فلن أكون ظهيراً للمجرمين" على هذا يكون المعنى أن موسى قال ما مضمونه: أقسم بحفظك يا رب إياي، أو أقسم بمغفرتك يا رب لي "فلن أكون ظهيراً للمجرمين" وهم كما قيل فرعون وقومه.

عند ذاك، عاهد موسى عليه السلام ربه على عدم العودة الى قصر فرعون وعدم التواصل بعد الآن معه ومع قومه حمداً على ما أنعم سبحانه عليه.

ما علمتنا الآيتان:

  •  لإنقاذ المؤمنين من الظالمين، يجب اتخاذ جانب الحيطة والحذر تحسباً لأي خطر أو تبعات لم تكن بالحسبان.
  •  للخطأ أو ما هو خلاف وإن كان غير متعمد، آثاره الطبيعية والوضعية.
  •  شكر الساعد القوية وحمدها، نصرة المظلومين والعزوف عن التعاون مع الظالمين والمجرمين.

بانتهاء هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نستودعكم الله جميعاً مستمعينا الأكارم، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نشكر لكم المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة