البث المباشر

تفسير موجز للآيات 5 الى 8 من سورة القصص

الأربعاء 8 إبريل 2020 - 12:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 696

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين ... وصل وسلم على النبي الخاتم وآله.

إخوة الإيمان طابت أوقاتكم وأهلاً بكم في برنامجكم نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة القصص المباركة ضمن حلقة جديدة نستهلها بالآيتين الخامسة والسادسة:

وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿٥﴾

وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴿٦﴾

 

مرّ بنا لدى افتتاح السورة، أن النبي موسى عليه السلام أمر بالذهاب الى فرعون منذراً ومحذراً إياه من التمادي في ظلم بني اسرائيل المشار إليه في قوله تعالى:

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِين

ففرعون هذا وهو ملك مصر المعاصر لموسى عليه السلام، كان يعامل أهلها معاملة الأسرى والعبيد ويتمادى في إضعافهم ويأمر بتذبيح أبنائهم واستبقاء نسائهم إفناءً لرجالهم، وفي مقابل ذلك تقول الآية الخامسة " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ" أي إن فرعون كان يريد إهلاك بني إسرائيل وإفناءهم وشاء الله عزوجل أن يمن عليهم ويجعلهم أئمة وقادة ورؤساء في الخير ويقتدى بهم و"الوارثين" لديار فرعون وقومه والمصداق الأكمل لهذه الآية يتحقق في زمن الإمام المهدي – عجل الله فرجه – فمثلاً روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن الدنيا علينا بعد شمايها عطف الضروس ولدها) عند ذاك تلا قوله تعالى "ونريد أن نمن.." الى آخر الآية.

وتقول الروايات الإسلامية: إن المهدي الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف، ليملأ الدنيا عدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً وينصر المستضعفين على الطغاة والمستكبرين.

علمتنا الآيتان:

  •  تقضي مشيئة الله بإنهاء حكم الظالمين العتاة والجبابرة والمستكبرين وتمكين المستضعفين من الملك والجاه والسلطان.
  •  إن حكومات الغطرسة والإستبداد، تعمد الى تسخير الطاقات الشابة وأصحاب المواهب والكفاءات وتضعيفهم وإذلالهم ليتسنى لها التربع على كراسي الحكم والتسلط على رقاب الشعوب بسهولة.
  •  الغد للمظلومين والمستضعفين.. إنه وعد الله وما بشر به ليعلموا ويثابروا تحقيقاً للأمل المنشود.
  •  إن قوى الظلم والإستكبار فضلاً عن العذاب الأخروي، لا تأمن سخط الله وعذابه في الحياة الدنيا أيضاً... فالقوى هذه كما هي مشيئة الخالق لابد وأن تذل وتلاقي الخزي على أيدي المؤمنين ومن آمن بيوم الحساب.

والآن نبقى مع الآيتين السابعة والثامنة من سورة القصص المباركة:

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٧﴾ 

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴿٨﴾

 

هاتان الآيتان اللتان ترويان قصة ولادة النبي موسى – عليه السلام – نموذج لسنة الله غير القابلة للتبديل والتي تؤكد نصر المستضعفين وغلبتهم على المستكبرين.

ثم بيّن سبحانه كيف دبر في إهلاك فرعون وقومه مبيناً بذلك كمال قدرته وحكمته قائلاً ما معناه:

وقلنا بنوع من الإلهام لأم موسى لما وضعته أن أرضعيه ما دمت لا تخشين بطش فرعون، فإذا خفت على إبنك أن يطلع عليه آل فرعون، فألقيه في اليم وهو نهر النيل ولا تخافي عليه القتل ولا تحزني لفقده ومفارقته إياك إنا رادوه إليك بعد ذلك وجاعلوه نبياً مرسلاً الى فرعون وبني إسرائيل؛ فأرضعته ثلاثة أشهر ثم ألح فرعون في طلب الولدان، فوضعته الأم في تابوت مطلي داخله بالقار فمهد له فيه وأغلقته وألقته في النيل ليلاً "فالتقطه آل فرعون" من غير طلب بتابوته، فوضع بين يدي فرعون وفتح وأخرج منه موسى ليكون لهم في عاقبة أمره عدواً لآل فرعون وسبباً لما يحزنهم، "إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين" أي عاصين ربهم في أفعالهم... ويروى أن النيل جاء بالتابوت أو الصندوق الى موضع فيه فرعون وامرأته على الشاطئ، فأمر فرعون فجيء به، وفتحت آسية بنت مزاحم غطاء التابوت أو باب الصندوق، فلما نظرت إليه ألقى الله في قلبها محبة موسى، فلما نظر فرعون الى موسى غاظه ذلك وقال كيف أخطأ هذا الغلام الذبح؟! قالت آسية وهي جالسة الى جنبه: هذا الوليد أكبر من ابن سنة وأنك أمرت بذبح من يولد من الذكور هذه السنة.. فدعه يكن قرة عين لي ولك.

اللافت فيما تقدم، مشيئة الله التي أقدمت أم موسى بإلقاء وضيعها في اليم من جهة وحب إمرأة فرعون له الذي حال دون قتله من جهة أخرى.

وهكذا تربى موسى ونشأ في بيت عدوه فرعون... في بيت آمن ليقضي في قادم الأيام على حكم الظلم والفساد الفرعوني.

علمتنا الآيتان:

  •  إن الله لخير ناصر ومعين وخير هاد للمؤمنين.
  •  ما من مانع أن يحول بين الإمدادات الغيبية واستثمار الإمكانات المادية، فعلينا العمل بما لنا من إمكانات مع حفظ التوكل على الله مثلما فعلت أم موسى من إرضاع وليدها ووضعه في التابوت وإلقائه في اليم والتوكل في كل ذلك أيضاً على الله جل وعلا.
  •  علينا الإلتزام والعمل الجاد بأوامر الله وإن كنا لا نعي حكمة وفلسفة الكثير من هذه الأوامر.. ذلك أن أحكام الله جميعاً لا تخلو من الحكمة... على سبيل المثال ما أمر به سبحانه أم موسى بأن تلقي إبنها في اليم.. فقد أوضمن الأيام سريعاً حكمة هذا الأمر.

وهكذا مستمعينا الأعزاء نأتي الى نهاية هذه الحلقة.. على أمل اللقاء في حلقة جديدة من البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة