بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين..
مستمعينا الأفاضل السلام عليكم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة المعني بتفسير بسيط لآي الذكر الحكيم.
في حلقة اليوم نباشر التفسير بسورة النمل المباركة، فمن القرآن الكريم سورة أسماؤها مستوحاة من أسماء ما في الطبيعة من أشياء وحيوانات منها إسم هذه السورة المكية ذات الثلاث والتسعين آية والتي فيها الآية الثامنة عشرة تشير الى حوار النمل لدى حركة جند النبي سليمان عليه السلام.
نستهل الحلقة بتفسير الآيتين الأولى والثانية من سورة النمل:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿١﴾ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾
بدأت السورة بالحرفين المقطعين (طا) و(سين) مثلما بدأت ثاني وعشرون سورة أخرى بالحروف المقطعة، تبياناً لعظمة القرآن، فالقرآن كتاب مؤلف من هذه الحروف البسيطة، لكن ما من أحد قادر على أن يأتي حتى بسورة أو آيات مثله.
والهدف العام للسورة، كما يدل المتصدر من آياتها والخمس المتأخر منها الى التبشير والإنذار وأيضاً بيان نبذة من أصول المعارف كوحدانيته تعالى في الربوبية والمعاد وسواها.
في مطلع السورة تأكيد على أن الآيات الكريمة واضحة بينة تميز الحق عن الباطل وما نزل القرآن إلا هدى للناس جميعاً وبشرى للمؤمنين ولا ينعم به ويسعد إلا من آمن به وأذعن لما هو حق.
والقرآن سمي قرآناً لأن النبي الخاتم صلى الله عليه وآلأه كان يقرأ على الناس من ما يوحى إليه من الآيات، وسمي كتاباً لأنه بعد ما كان يوحى إليه من هذه الآيات ويقرأ على الناس، يتولى بعض الصحابة كتابة ذلك.. ومن هنا عرف هؤلاء الصحابة بكتاب الوحي.
تفيدنا الآيتان:
- إن حركة الأنبياء في المجتمع، هي حركة ثقافية مصحوبة بالقراءة والكتابة تمييزاً للحق عن الباطل.
- من مزايا القرآن أنه مكتوب بيّن هاد ومبشر.
- بشارة الناس بالجنة والثواب حقاً، مرهون بهدايتهم من الضلالة الى الحق بالبيان الذي في القرآن.
والآن نبقى مع الآيات من الثالثة الى الخامسة من سورة النمل المباركة:
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴿٣﴾
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ﴿٤﴾
أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ﴿٥﴾
ثم بيّن سبحانه صفات المؤمنين الذين يبشرهم القرآن بأنهم يقيمون الصلوة لله بحدودها ويلتزمون بأوقاتها ويعطون الزكوة لمستحقيها من الناس فهذان مما يتميز بهما المؤمنون أساساً، وهما يعنيان القيام بالصالح من الأعمال البدنية والمالية.
ومن يضيع أحدهما فهو كاذب في دعواه وليس مؤمناً.
ومما يعين على الإلتزام بهما لا يبتلي بمغريات الدنيا وزخرفها وما يوجب سخط الله وما يعاقب عليه يوم القيامة.
وفي القرآن الكريم أكثر من آية تشير الى أن الشيطان يزين للناس قبائح الأعمال التي يغير التمادي فيها شخصياتهم مع مرور الزمن، فتكرار القبائح، يذهب قبحها شيئاً فشيئاً ما يدعو لي تشجيع الغير أيضاً على ارتكابها.
وقيل في (زينا لهم أعمالهم) بأن الله خلق فيهم شهوة القبيح وما يدعو لإرتكاب المعاصي ليجتنبوا المشتهى، فهم يعمهون ويترددون في الحيرة. وقيل أيضاً: إن الله حرمهم التوفيق عقوبة لهم على كفرهم فتزينت أعمالهم في أعينهم وحليت في صدورهم اولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون فلا أحد أكثر ضرراً أو خسارة منهم لأنهم يخسرون الثواب وينالون العقاب بدلاً منه.
أفهمتنا الآيات:
- من مزايا الإسلام أنه قرن بين العلاقة مع الله والتقرب إليه سبحانه، وبين العلاقة مع الناس والمحرومين والتودد إليهم.
- الإيمان بالمعاد واليوم الآخرة يجنبنا الكثير من الأعمال السيئة التي تبدو لنا حسنة عند ذاك نعمل بتعاليم السماء ونرفض ما دون ذلك؛ فلا نرى مثلاً في الإنحلال الخلقي ما يدل على المدنية والتحضر أو العصرنة، ولا الإسراف والتجمل معياراً لشخصية الإنسان، فمن وجهة نظرنا إن معيار الحق والباطل ليس المصالح والأهواء الشخصية أو القومية والوطنية، بل هو أمر الله جل جلاله.
- يلحق عدم الإيمان بيوم القيامة، أكبر الضرر بالإنسان.
بانتهاء هذه الحلقة إخوتنا الأعزاء نستودعكم الله جميعاً..
على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة نحييكم ثانية والسلام عليكم.