بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين ثم الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين مولى الثقلين وسيد الكونين سيدنا محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته سفن النجاة من المهلكات.
حضرات المستمعين الأكارم سلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة هذا اليوم من برنامجكم القرآني هذا حيث نواصل تفسير آيات أخرى من سورة الشعراء المباركة.
ولنستمع في البداية الى تلاوة الآيات 128 الى 130 منها وهي تتابع الحديث عن قصة قوم عاد:
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴿١٢٨﴾
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴿١٢٩﴾
وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴿١٣٠﴾
دعا نبي الله هود – على نبينا وآله وعليه أفضل السلام – قومه وهو قوم عاد الى التوحيد والإلتزام بالقيم الإلهية الكريمة وكان فيهم مبشراً ونذيراً.
رفض الأثرياء من عاد دعوة هود (ع)، إذ كان همهم الدنيا ولذائذها الزائلة. وكانوا يبنون عالي الأبنية فوق المرتفعات الشاهقة ما كانوا ليسكنوها بل كانوا يبنونها عبثاً لمجرد التفاخر بها.
لقد ضل هؤلاء السبيل وكانوا يتصورون أن الحياة لهم دائمة وأن الموت ليس بملاقيهم وعلاوة على هذا التعالي والتفاخر، كان هؤلاء القوم أنانيون يبطشون بالضعفاء من الناس تجبراً وطغياناً.
ويستفاد من النص المفسر ما يلي:
- إن الدين يرفض أي شكل من أشكال التعالي والتفاخر.
- إن تشييد الفخم من الدور والقصور لا يحمي الإنسان من الموت، فمهما علت القصور لابد أن يتركها ساكنوها يوماً ويرحلون الى القبور، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ويقول جل جلاله في الآيات من 131 حتى 134 من سورة الشعراء:
فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٣١﴾
وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ ﴿١٣٢﴾
أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ﴿١٣٣﴾
وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٣٤﴾
إن هود (ع) ذكر قومه بالنعم التي أفاضها الله تعالى عليهم ودعاهم الى الإيمان بالله وعدم نسيانه، إن هود وكسائر الأنبياء كان يريد لقومه السعادة والفلاح.
نعم إن نعم الله جل شأنه التي ذكر هود بها قوم عاد نعم وافرة مثل ينابيع الماء الوفير والبساتين ذات الأشجار الثمرة والأراضي العامرة بالمحاصيل الزراعية والأنعام التي كانت مصدر غذاء ووسيلة نقل في الماضي وهي اليوم كذلك تقريباً.
وإضافة الى هذه النعم المادية تلقى هؤلاء القوم من الله نعمة الأولاد الذين يشكلون القوى العاملة ومادة استمرار رقي المجتمع وحياته.
ويدلنا النص المفسر الى الآتي:
- إن مصدر كل المشاكل التي يعاني منها الإنسان الإبتعاد عن التقوى ولهذا جاءت رسالة جميع الأنبياء داعية إلى التحلي بحلية التقوى.
- إن على الإنسان أن يشكر نعم الله عليه بأن لا يرتكب المعاصي والآثام.
ويقول تعالى في الآيتين 135 و136 من سورة الشعراء:
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٣٥﴾
قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ ﴿١٣٦﴾
كان هود (ع) كسائر الأنبياء سلام الله عليهم حريصاً على قومه، لقد أعلمهم أن ما يقوله لهم فيه النفع والفائدة لهم.
وأعلم هود (ع) قومه أنه لا يريد منهم مالاً ولا يريد أن يعلو عليهم، وقال هود لقومه ما أخشاه هو أن ينالكم من الله عذاب عظيم. ورغم كل هذه النصائح النبوية لم يصغ قوم عاد الى كلام نبيهم، لقد أسكرتهم ملذات الدنيا وقالوا له ساخرين لا جدوى من كلامك هذا فلن تجد له عندنا آذاناً صاغية وهو لا ينفذ الى قلوبنا إطلاقاً.
والمستفاد من هذا النص المفسر:
- لابد من إنذار من أصيبوا بالكبر والغرور حتى وإن كنا نعلم أن الإنذار لهؤلاء ليس له وقع في نفوسهم.
- إن العناد واللجاج يحول دون قبول قول الحق.
نسأل الله تعالى أن يبعدنا جميعاً عن الكبر والغرور والعناد والأنانية ويوفقنا لمراضيه ويجعل مستقبل أمرنا خيراً من ماضيه آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
ونأمل أن نجدد اللقاء معكم لتقديم تفسير موجز لآيات أخرى من سورة الشعراء.
الى اللقاء والسلام خير ختام.