بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطاهرين.
حضرات المستمعين الكرام سلام من الله عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج ومع تفسير موجز لآيات أخرى من سورة الشعراء المباركة.
ونبدأ من الآية الثانية بعد المئة حتى الآية الرابعة المئة، نستمع لتلاوتها أولاً:
فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٢﴾
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٠٣﴾
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٠٤﴾
أعزاءنا تحدثت سابق الآيات التي مرت علينا في الحلقة الماضية عن يوم القيامة ويوم الحساب وهو يوم على الكافرين عصيب، حيث يلقى بهم في جهنم وبئس المصير، في ذلك اليوم ليس للكافرين إلا الذل والهوان والحسرة والخسران. إنهم في ندم لإتباعهم من أضلوهم السبيل.
ويتمنى الكافر أن يعود الى الدنيا ليعمل صالحاً حسبما يزعم وهو زعم تؤكد الآيات أنه غير صادق ولو أرجع الكافرون الى الحياة الدنيا لسلكوا المسلك ذاته من الكفر والجحود.
ويبين القرآن الكريم هنا أن طرق الهداية والرشاد والوصول الى الحقيقة والسداد كانت مشرعة أي مفتوحة قبال كل الناس، وإن الفرحة للفوز بنعيم الآخرة كانت متوفرة لدى الجميع لكن الكفار ضيعوها بفيهم وكفرهم وعنادهم.
ومما يستفاد من هذه الآيات:
- إن يوم القيامة بالنسبة للكافرين يوم الحسرة والندم لكن لا فائدة من الندم.
- إن الفساد هو الذي يعمي القلوب والبصائر وإلا فالآيات الإلهية والبراهين العقلية واضحة في الدلالة على الصلاح، فإذا تخلى الإنسان عن عناده هدي الى الحق.
- إن الله هو الرحمن الرحيم لكنه جل جلاله يعاقب المعاندين وكل نفس بما كسبت رهينة.
ولنستمع تلاوة الآيات 105 الى 107 من سورة الشعراء حيث يقول سبحانه وتعالى:
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٠٥﴾
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٠٦﴾
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٠٧﴾
في سورة الشعراء تحدث القرآن الكريم عن العديد من الأنبياء (ع) مثل موسى وابراهيم ونوح، ولابد من الإشارة هنا الى أن بعثة النبي نوح (ع) سبقت بعثة النبي إبراهيم (ع) وأن إبراهيم (ع) كان على هدي نوح (ع) بيد أن القرآن الكريم وإن تعرض في الكثير من آياته الى أحداث تاريخية إلا أنه كتاب هداية ودستور حياة لا كتاب تاريخ ومن هنا لم يأت الحديث مطابقاً للتسلسل التاريخي.
لقد ورد ذكر نوح (ع) في القرآن الكريم 43 مرة وإن الباري تعالى وتبارك سلم في كتابه الكريم على هذا النبي والمعروف أن قوم نوح كذبوه ولم يؤمن منهم إلا قليل رغم أن هدف الرسل الربانيين واحد، وكلهم يدعون الى التوحيد ونبذ الشرك.
إن الله عزوجل يختار للنبوة والرسالة من يصطفي من عباده الصالحين تتجلى في أخلاقهم أخلاق الله الحسنة فيظهرونها للناس وبذلك يعرفونهم بربهم تبارك وتعالى إلا أن الكفار بعنادهم يرفضون تصديق نبوة أي نبي وفي ذات الوقت يرجحون مصالحهم الشخصية والفئوية فينحرفوا عن طريق الهداية فلا يكون لهم إلا الغواية.
ومما يستفاد من الآيات المفسرة الآتي:
- إن الأنبياء جميعاً لهم هدف واحد.
- الأنبياء (ع) ليسوا فئة مستقلة في المجتمع، إنهم (ع) من الناس والى الناس.
- من أجل إيقاظ ضمائر الناس الأجدر الإستفادة من أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة لا الأمر والنهي.
- ما بعث نبي في الناس إلا وعرف بعض الخلق.
وآخر آيتين نفسرهما في حلقة هذا اليوم هما الآيتان 108 و109 من سورة الشعراء.
فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٠٨﴾
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٠٩﴾
إن عامل التقوى عامل أساسي في تجنب الإثم والمعصية فالتقوى تحفظ الإنسان من الوقوع في هاوية الإثم.
إن نوح (ع) وانطلاقاً من ذلك علم قومه درساً في الإيمان، لقد قال لهم كيف لكم أن تنسوا الله وهو الذي خلقكم وهو الذي يرزقكم وبيده حياتكم وموتكم؟
وعلم نوح (ع) قومه أن الأنبياء هدفهم الرشاد والإرشاد، إنهم لا يتوقعون من الناس أجراً إن أجرهم على الله.
ويفيدنا النص المفسر الآتي:
- لابد في إرشاد الناس من التذكير بالتقوى وذكر الله حتى لا ينحرف الناس عن سبيل الحق.
- لا ينبغي لأي داعية إلهي أن يتوقع من الناس أجراً مادياً فالله آتيه أجره وهو أرحم الراحمين.
حضرات المستمعين الأفاضل، هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) الذي يأتيكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
الى اللقاء والسلام خير ختام.