وبفضول الأطفال وعفويتهم المعتادة، يسألون عما يجري في بلادهم، فلا يعرفون سبب توقف هذه الأنشطة أو ارتداء الكمامات والقفازات، أو الخشية من التجمّع والاستقبال اللذين اعتادوا عليهما، فيبدو الاستغراب والخوف على كثير من الأطفال بسبب الأوضاع الجديدة التي يمرون بها. ويسعى بعض أولياء الأمور إلى تكييف أبنائهم مع أزمة «كورونا»، التي لا يعرفون متى ستكون نهايتها، ويبحثون لهم عن البدائل التي تشعرهم بالطمأنينة وعدم الملل، لكن يصعب على الاهل شرح الأوضاع الحالية لأطفالهم، والاجابة عن أسئلتهم الكثيرة.
تؤكد أستاذة الطفولة المبكرة بكلية التربية بجامعة الكويت د.ليلى الخياط أهمية الصدق، والبعد عن الكذب عند تعليم الأهل أطفالهم عن فيروس كورونا، مع استخدام لغة مناسبة لمستوى فهم الطفل، لأن الطفل سيسمع عن الحقيقة من بقية الأهل أو من «السوشيال ميديا» أو وسائل الإعلام. وترى الخياط ضرورة أن يشرح الاهل للطفل أن هناك مرضا يجب أن نقي أنفسنا منه، ونبتعد عن التجمّع حتى لا نصاب به، من دون ذكر تفاصيل الفيروس الذي لن يستوعبه مستوى فهم الطفل ولن يدركه، ومن ثم يجب شرح سبب اغلاق المدارس، ومنع التجمعات أو الخروج من المنزل للتنزّه. وبهذا الشرح يفهم الطفل سبب التغيّر الذي حصل حوله وسبب التعطيل المفاجئ للمدرسة من دون أن نخيفه من المدرسة، حتى لا يصاب بالهلع والخوف منها مستقبلا؛ إذ سيواجه الطفل أهله بطبيعة عقله الذي يحب التساؤل بالكثير من الأسئلة مثل: «لماذا يغطي الناس وجوههم بالأقنعة؟» وعليك أن تجيبه بأنه لحمايتهم من الفيروس.
فيديوهات الوقاية
وعند الحديث عن الوقاية وكيفية تناولها مع الاطفال، تبيّن أن «علينا مشاركة الطفل بفيديوهات الوقاية وكيفية غسل اليد جيداً وبشكل مكرر ولمدة معينة ونسهل عليه بأن يغسل يده بهذه الطريقة، وهو يعد إلى عدد 20 أو وهو يردد الحروف كالـ ABC، حتى يصل للوقت المطلوب لغسل اليد، كما أوصت به المنظمات الصحية».
وداخل الحجر المنزلي على الوالدين توفير سبل الترفيه والتعلم المنزلية بترتيب واجبات منزلية، يشارك بها الطفل؛ كالترتيب والتنظيف والمساعدة في الطبخ أو العناية بالنباتات والتلوين والقص والتركيب والحرص على أن يمارس الرياضة والحركة، بمشاركته بلعب كرة القدم أو كرة السلة والطائرة وركوب الدراجة.
خبرة تعليمية
ويجب توفير الخبرات التعليمية والتجارب التعليمية المسلية والألغاز والألعاب العائلية والأدوات التعليمية، كالطين والألوان وألعاب التركيب وتجربة التجارب العلمية المناسبة لعمر كل طفل، كما يمكن تعلم الكثير من تلك الانشطة من المواقع التربوية في «يوتيوب» وتطبيقها بمشاركة الإخوة وإشراف الوالدين.
وتشير الخياط إلى أن الوالدين مطالبان باستمرار عملية التعلم ومراجعة أساسيات الرياضيات والقراءة والكتابة والتفكير والبحث واستخدام الحواس الخمس بالتعلم؛ كاللعب بالرمل مع الحرص على القراءة اليومية أو القراءة لهم، لافتة إلى إمكان الاستعانة بمواقع وبرامج الانترنت التربوية للتعلم وتسلية الطفل.
تخطيط الوقت
وتنبّه إلى ضرورة عدم تخطي الوقت المسموح به أمام الشاشة حتى لا يتضرر الطفل جسدياً وعقلياً ونفسياً من ألعاب الفيديو أو من الشاشة، داعية الأهل إلى محاولة وضع روتين وساعات محددة لتناول الوجبات الصحية واللعب والتعلم ومشاهدة شاشات الأجهزة لأن الروتين يساعد الطفل على الشعور بالأمان. وعلى الوالدين أن يحرصا، كذلك، على أخذ قسط راحة لهم بالتناوب والمشاركة حتى يستطيعوا أن يجلسوا مع أبنائهم بجسدهم وقلوبهم وعقولهم، وحتى لا ينفعلوا بعصبية من حركة ونشاط أبنائهم أثناء البقاء في المنزل.
العناية الشخصية
وانطلقت أستاذة الطفولة المبكرة بكلية التربية بجامعة الكويت د.حصة السهيل من موقف أطفال يتحدثون بذعر عن المرض، وكيف أنهم لا يريدون الذهاب للمدرسة ولا الخروج للمخيم للاحتفال بالعيد الوطني ولا الذهاب الى أي مكان، للحديث عن الطريقة المثلى في التعاطي مع الأطفال بشأن الفيروس. وتقول السهيل: «هؤلاء الأطفال سمعوا حينها عن المرض من الوسائل المختلفة من حولهم في بداية انتشاره في الصين، وقبل اكتشاف حالات في الكويت، وهنا يجب أن ندرك أن الطفولة في خطر، ولا بد لنا من أن نكفل أمان واطمئنان كل طفل، وليس فقط ضمان حمايته».
لغة الحوار
من الواجب ان نبدأ رحلة الحوار مع الأطفال حول العناية الشخصية والنظافة التي تحمينا من العدوى وبعض الامراض، وهنا تبيّن السهيل أن «لغة الشرح والحوار تعتمد كثيرا على المرحلة العمرية للطفل، وكلما كانت المعلومات مقدمة من خلال تجارب وفيديوهات توضيحية وامثلة تطبيقية كانت أقرب للاستيعاب». وقد انتشرت مؤخرا بعض الفيديوهات، كتجربة الصابون والفلفل الأسود ليرى الطفل تصوّرا عن المعنى المقصود من غسل اليد، وكذلك فيديو خطوات الغسل الصحيحة بالفحم ليشاهد الطفل اننا أحيانا لا نغسل اليد بشكل الصحيح، فلا يصل الصابون لكامل اليد، بالإضافة الى فيديوهات العزل الاجتماعي وغيرها مما يناسب الطفل.
تعلم بالملاحظة
والأهل مطالبون، وفق ما تراه السهيل، بأن يتكفّلوا بإشعار الأطفال بالأمان في ظل هذه الظروف الاستثنائية والحرص على معرفة مخاوفهم وتساؤلاتهم والاجابة عنها، والتأكد بأن ما لديهم من معلومات صحيح ولا يهدد صحتهم النفسية، إضافة إلى أن الأطفال يتعلمون بالملاحظة وسلوكياتنا هي معلمهم الأول «فلنكن خير قدوة في تطبيق التعليمات ولنبتعد عن الهلع، حتى لا ينتقل لهم، ولنستمتع بأوقاتنا في منازلنا الآمنة ولنستفد من ذلك قدر المستطاع».
وبالطبع، للامر عند الأطفال زاوية مختلفة، «فهو فرصة تربوية تعليمية لاكتساب وممارسة سلوكيات وعادات صحية ومهمة، الى جانب اكتساب بعض المعلومات العلمية، فقد تكون مزحة مقولة ان عام 2020 علمنا غسل الأيدي، ولكن هذه حقيقة؛ فالكثير منا لا يغسل يده بشكل صحيح، وبالتالي يعرّض نفسه لمخاطر العدوى المختلفة». الصدق مفتاح إقناع الأطفال ترى الخياط أن الطفل لن يستوعب مفهوم الفيروسات والجراثيم والبكتيريا، لأنها أكبر من مستواه العقلي، وقد يسبب له الشرح الخوف والتفكير والهلع، لأن خياله يبالغ في ما يعرض له. وتشير إلى أن سؤال الطفل يجب أن يقابل بشكل مبسّط مندون تهويل أو تفاصيل لا يفهمها، وبلغة الصدق والتبسيط يجب أن يجيب الأهل عن أسئلة الطفل، ولكن عليهم كذلك استخدام لغة التطمين وتهوين المشكلة وإبلاغ الطفل أن الدولة حاصرت الموضوع وعالجت المرضى وأن نسبة الشفاء عالية وأن جهاز المناعة داخل جسدنا قادر على مواجهة المرض ومكافحته، وبذلك نزرع في داخله الأمن والأمل.
«فلترة» معلومات الناشئة ضرورة
تقول السهيل إن من الضروري أن يفهم الأهل أن الأطفال لديهم معلومات كثيرة جاءت من مشاهداتهم واستماعهم لمختلف الوسائل من حولهم، كما أنهم يرون الكمامات والقفازات وجلوس الاسرة في المنزل ويسمعون الاخبار، وهنا أصبح من واجبنا «فلترة» المعلومات لهم، بما يناسب سنهم.