بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الكرام واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج: نهج الحياة حيث تفسير لآيات جديدة من سورة الفرقان.
ونبدا اولاً بالاستماع الى تلاوة الآيات الرابعة والستين والخامسة والستين والسادسة والستين:
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴿٦٤﴾
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴿٦٥﴾
إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴿٦٦﴾
في هذه الآيات المباركات اشارة الى صفة مهمة عند المؤمنين الا وهي العبادة الخالصة لله تعالى.
ويشد الشوق عباد الله الصالحين الى الخالق المتعال ففي غسق الليل والناس نيام ينهضون من نومهم الى محراب عبادتهم ويقضون شطرا من الليل الساكن في الصلاة والدعاء والتضرع والمناجاة.
نعم ان عباد الله الصالحين لا تغرهم عباداتهم. ان ما يريدونه هو الفوز برضا الله سبحانه.
والمؤمن تهفو نفسه الى الجنة. انما يريد ان يكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وانه يعلم ان النار هي مثوى الكافرين. ان لسان حال المؤمن والمؤمنين يقول:
((وقنا عذاب النار)). ان الخشية من الباري عزوجل ومن عذاب النار انما هي محرك عند الانسان لأداء التكاليف الدينية وعدم التساهل في ذلك.
وإليكم الآن الدروس المستفادة من النص المفسر فهي:
- ليس الليل للنوم فقط بل هو خير وقت للمناجاة مع الله تعالى شانه.
- ان عباد الله الصالحين على الدوام في ذكر الآخرة والقيامة فمشاغل الحياة الدنيا وان كثرت لا تلههم عن التفكر في يوم المعاد.
ويقول العلي القدير في الآية السابعة والستين من سورة الفرقان المباركة:
وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ﴿٦٧﴾
في هذه الآية الزاكية بيان لصفة اخرى لعباد الرحمن تتعلق بالجانب الاقتصادي في حياتهم ذلك انهم لا يبذرون ولا يسرفون.
الاسراف والتبذير والتقتير كلها صفات مذمومة وعلى الانسان ان يبرمج حياته الاقتصادية على اساس الاعتدال في الانفاق.
اجل، الاعتدال في الانفاق على الزوجة وشؤون الاسرة وحتى في صلة الارحام واعمال الخير. ان المؤمن هو الذي يبتعد كل البعد عن الافراط والتفريط.
وهناك مسألة فقهية لابد من الاشارة اليها هنا وهي ان الوصية فيما يزيد عن ثلث التركة غير نافذة. اذاً ليس الانسان ان يوصي في حال حياته باكثر من ثلث ماله ولايجوز للانسان ان يهب ماله كاملاً للآخرين ويحرم الورثة منه.
ويروي لنا التاريخ ان شخصاً فعل هذا زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد دفنه اخبروا الرسول بذلك فاجابهم انهم لو اخبروه بذلك قبل دفنه لما اذن بدفنه في مقابر المسلمين.
والدروس المستفادة من هذا النص:
- ان التاكيد على اداء صلاة الليل والعبادات الاخرى لا يعني الانزواء عن المجتمع. فالمؤمن لابد ان يكون في صلب المجتمع.
- الاسراف غير جائز في شريعة الاسلامية اياً كان مورد الانفاق.
- ان عباد الله الصالحين ليسوا بخلاء.
- ان من اهم وصايا الاسلام الابتعاد عن الاسراف والتبذير.
والآن احبة القرآن نستمع الى تلاوة الآيتين الثامنة والستين والتاسعة والستين من سورة الفرقان:
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴿٦٨﴾
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿٦٩﴾
هاتان الآيتان الشريفتان تحدثانا حول صفة مهمة عند المؤمنين وهي الاخلاص لله عز شانه. ان المؤمنين هم الذين على ربهم يتوكلون لا ترهبهم قوة الحكام الطغاة ولاترغبهم اموال الاثرياء.
وعباد الرحمن يحترمون الانسان فلا يظلمونه ابداً. انهم مع الناس يتعاملون على اساس الحق والعدالة، واعراض الناس مصانة عند المؤمنين. انهم لايهتكون الاعراض ولايلوثون انفسهم بملوثات الفساد والفحشاء والرذيلة.
ومن بين المعاصي والآثام فان اكبرها الشرك والقتل والزنا، فالشرك اثم عظيم ومن قتل نفساً بغير حق فكانما قتل الناس جميعا وما الزنا فهو فاحشة وساء سبيلا.
واما الدروس فهي:
- المؤمن يتحكم في غرائزه وهكذا يصون نفسه عن الوقوع في منحدرات المعاصي.
- دماء الناس محترمة الا دماء المفسدين في الارض.
- ان العلاقات غير المشروعة بين الرجل والمرأة على حد الشرك بالله وقتل النفس المحترم.
- ان القرآن الكريم لم يكتف بالموعظة بل وضع للناس قوانين تسيّر امور حياتهم ومن هذه القوانين تلك التي تعاقب على القتل والزنا.
حضرات المستمعين الافاضل هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
الى اللقاء والسلام خير ختام.