بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واهل بيته الطاهرين.
حضرات المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لازلنا في رحاب سورة الفرقان المباركة حيث نقدم لكم تفسير آيات اخرى منها ونبدأ بالآية الثالثة والخمسين من هذه السورة العطرة حيث يقول تعالى شأنه:
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴿٥٣﴾
مستمعينا الكرام في الحلقات السابقة تحدثت بعض الآيات حول عدد من نعم الله سبحانه على البرية، ومن تلك النعم نعمة الماء الذي يتواجد بكثرة على الكرة الارضية وبأشكال مختلفة مثل الأمطار والأنهار. لكن هذه الآية الشريفة تبين لنا ان نعمة الماء تشاهد في البحار والأنهار، بعض منها ماءها عذب وآخر ماءها مالح، وبقدرة الباري جل وعلا فإن الماء العذب لايمتزج بالماء المالح وان كلا منهما يحافظ على خصائصه.
واذا كان القرآن الكريم اشار الى هذا الأمر قبل اكثر من اربعة عشر قرنا فإن العلم الحديث اثبته اليوم او اثبت هذه الحقيقة اليوم وهي ان المياه العذبة التي تتواجد في الانهار لاتحمل المواد المالحة من البحار التي تصب فيها.
وبفضل نعم الله عزوجل على خلقه فإن عذب المياه مصدر خير وبركة للناس ذلك انهم يستفيدون منها في الشرب والزراعة والري والحالات التي يحتاج فيها الى ماء عذب؛ كما ان المياه المالحة هي مصدر خير وبركة للحيوانات والنباتات والاسماك التي تعيش فيها وتنتقل املاحها المعدنية المفيدة للانسان عبر صيد البحر.
واذا كان هذا الحال في المياه فانه مشهود في الحياة ايضاً. على سبيل المثال المؤمنون والكفار قد يعيشون في محيط واحد او حي واحد. لكن الكفر لايتسرب الى رحاب الايمان فلا تعكر مرارة الكفر صفو الايمان وعذوبته والحمد لله رب العالمين.
واليكم بعد ذلك الدروس المأخوذة من هذه الآية، انها كالآتي:
- ان الطبيعة في يد قدرة الله تبارك وتعالى. انه جل شانه خلق الانسان والطبيعة ووضع لكل شيء قانوناً في الكون لايحيد عن.
- ان الماء هو عصب الحياة والكائنات الحية لاغنى لها عنه فالتي تعيش على اليابسة تستفيد من الماء العذب والتي تعيش في الماء تستفيد منه حتى وان كان مالحاً.
ويقول عز من قائل في الآية الرابعة والخمسين من سورة الفرقان الزاكية:
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴿٥٤﴾
تذكر لنا هذه الآية ان الباري تباركت اسماؤه خلق الانسان من ماء، ولافرق في ذلك بين اول البشر النبي آدم عليه السلام الذي خلقه الله من ماء و تراب وسائر الناس، فقد خلق الانسان من علق واول الانسان نطفة وهي من الماء التي تمر في رحم الام بالمراحل الجنينية حتى تصير انساناً كاملاً بأعضائه وجوارحه، يولد فيرى نور الحياة، فتبارك الله احسن الخالقين.
وتطرقت الآية الكريمة ايضاً الى تعاقب الأجيال حيث ان روابط الناس فيما بينهم تتأطر باطار الزواج وتظهر القرابات سواء كانت سببية او نسبية.
وشاءت ارادة الله العلي القدير ان تنتظم العلاقات الاجتماعية بين الناس بالزواج والذي على اساسه تتكون الاسر والمجتمعات.
واليكم الآن المستفاد من هذه الآية فهو:
- الناس جميعاً خلقوا من ماء فلا فضل لأحد على آخر الا بالتقوى.
- من الناحية الجسمية لا تفاضل بين الانسان والحيوان فكلاهما خلقا من الماء. لكن العلي الاعلى تفضل على الانسان بالعقل فجعله بذلك اشرف المخلوقات.
- ان دراسة الادوار الجنينية عند الانسان تقدموا احدى دلائل عظمة قدرة الله عز اسمه.
والآن نستمع الى ترتيل الآية الخامسة والخمسين من سورة الفرقان:
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ ۗ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيرًا ﴿٥٥﴾
ان المشركين لايعبدون الا اشياء لاتفيدهم ولاتنفعهم وهي الاصنام وغيرها.
وان الله تعالى هو الذي لابد ان يعبد وحده، وفي هذه الآية تساؤل عن السبب في ترك عبادة الله والاشراك في العبادة، ان كل شيء عدا الله مخلوق له سبحانه.
وفي الآية اشارة كذلك الى التنسيق بين الكفار والمشركين من اجل تقوية كلمة الشرك والكفر. لكن مهمى كان، فان كلمة الايمان وكلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.
نعم ان القرآن الكريم يخاطب المؤمنين بقوله: ولاتهنوا ولاتحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين .. صدق الله العلي العظيم.
ويدلنا النص المفسر الى الآتي:
- لابد للانسان ان يتوجه الى الله جل جلاله ويعبده ولايعبد من دونه احداً.
- ان ملة الكفر واحدة، اذاً على المؤمنين التآلف والتوحد لمواجهة الكفر والشرك والالحاد.
غفر الله لنا ولكم والسلام عليكم.