بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا ابي القاسم محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين.
حضرات المستمعين الأفاضل سلام عليكم واهلاً بكم في حلقة اخرى وجديدة من برنامج نهج الحياة.
حتى الآن مر عليكم تفسير تسعة واربعين آية من سورة الفرقان المباركة وفي هذه الحلقة تفسير آيات اخرى منها بادئين بالآية الخمسين:
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴿٥٠﴾
اعزاءنا ان الله تبارك وتعالى انزل آياته البينات لهداية البشرية الى سبيل الفلاح والصلاح؛ ففي بعضها للناس بشائر وفي اخرى منها تحذيرات، وهناك في الآيات اوامر ونواهي.
ومن آيات القرآن الكريم ما تتضمن قصص الماضين من الأمم والاقوام وتتحدث آيات قرآنية كذلك حول يوم القيامة الذي يبرز الناس فيه جميعا للواحد القهار.
وفي بعض من الآيات، حديث بالرحمة الالهية او غضب الله تعالى على الكافرين.
وما هذا التنوع في مضانين الآيات الا لأن القرآن الكريم يريد للانسان ان يتذكر مافيه صلاحه فيعمل به وما فيه شقائه فيحذر منه.
ان التذكر امر مهم في حياة الانسان وان كثيراً من الاقوام السالفة انما جنحوا عن الحق لأنهم لم يكونوا من اهل التذكر.
وهاهو القرآن المجيد يقول خطابا للرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم: وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين.
واما الدروس المأخوذة من الآية الخمسين من سورة الفرقان فهي:
- ان الخطر الكبير الذي يحدق بالانسان هو الغفلة عن الباري عزوجل وبالتالي عما فيه صلاحه وما اجدر للانسان ان يكون على الدوام لله ذاكراً وفي اموره متذكراً ومتفكرا.
- ان من كفران نعم الله على الناس عدم اطاعة اوامره وعدم الانتهاء بنواهيه.
حضرات المستمعين ولنستمع الآن الى تلاوة الآية الحادية والخمسين من سورة الفرقان المباركة حيث يقول جل شأنه:
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا ﴿٥١﴾
ان من اعظم نعم الله سبحانه على البرية ان بعث لهم رسلاً وانبياء مبشرين ومنذرين، ومن الشبهات التي اثارها المشركون حول بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قولهم الم يكن من الافضل ان يبعث الله لكل مدينة او حيّ نبياً؛ فجاءت هذه الآية لتبين ان الامر بيد الله وهو فعال لما يشاء، وما ارساله الرسل والانبياء عليهم السلام الا عن علم وحكمة، وهو العلام العليم.
لقد بعث الله جل وعلاء سيدنا محمد بن عبد الله رسولا للعالمين ورسالته صلى الله عليه وآله وسلم للناس كافة، قال تعالى: وما ارسلناك الا رحمة للعالمين.
ويقول سبحانه: ماكان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين.
واليكم الآن الدروس المستفادة من نص الآية المفسرة فهي:
- من اسس القرآن القويمة دعم وجود القيادة الموحدة.
- ليس للناس اي دور في اختيار الرسل والانبياء بل ان هؤلاء الصفوة هي المختارة من قبل الله تبارك وتعالى.
وفي الآية الثانية والخمسين من سورة الفرقان دعوة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمواجهة الكافرين على اساس القرآن وعدم التسليم قبالهم فالاسلام يعلوا ولايعلى عليه. تقول الآية الكريم:
فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴿٥٢﴾
ان الجهاد في سبيل الله بالسلاح امر مرغوب فيه لكن قبل الجهاد المسلح لابد من الجهاد الفكري القائم على الحكمة والموعظة الحسنه. قال تعالى: ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن.
نعم ان سلاح المنطق والاستدلال وعلى اساس الوحي الالهي المبين امضى من كل سلاح.
ان الدولة التي يتواجد فيها حالياً اكبر عدد من المسلمين في العالم المعاصر هي اندونيسيا في آسيا حيث يعيش فيها ما يقرب من مئتي مليون مسلم. لكن اندونيسيا لم يفتحها المسلمون بقوة السيف والسلاح انما اضاءوا مصابيح الاسلام فيها بقوة الفكر الواعي الى الفلاح والنجاح.
اجل ان التبادل الثقافي والتجاري على مر الزمن حمل معه بشائر الاسلام الى شعوب في شرق آسيا، في الصين والفيليبين وماليزيا واندونيسيا. وفي الغرب: في اوروبا، وفي آمريكا انضوى تحت لواء الاسلام اناس كثيرون اختاروا الاسلام ديناً لهم بعد ان حققوا وبحثوا، وبعد ان وجدوا الاسلام افضل دين واكمل رسالة سماوية تضيء الدرب لسكان الكرة الارضية.
وآخر ما نذكره هنا الدروس المستقاة من نص الآية الثانية والخمسين من سورة الفرقان فهي كالتالي:
- ان الانسان المؤمن لايستسلم امام الكفار وهو لايساوم على دينه ابداً.
- ان افضل السبل للدعوة الى الاسلام سبيل القرآن الكريم.
- افضل انواع الجهاد هو الفكري الذي يبدو اليوم امراً ضرورياً لاسيما والعالم المعاصر يشهد هجمات اعلامية وثقافية شرسة ضد الاسلام بقصد تضليل الناس واثارة الشبهات حول دينهم القويم.
والى لقاء آخر نستودعكم الله تعالى بلطفه وكرمه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.