بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا ومولانا ابى القاسم محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين.
حضرات المستمعين الاكارم سلام عليكم واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة حيث نعيش في اجواء سورة الفرقان الزاكية.
لقد مر علينا تفسير ثلاثين آية منها واليوم تفسير بضع آيات اخرى ونبدا بالآية الحادية والثلاثين:
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴿٣١﴾
في هذا النص مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما لاقاه من محن وصعاب في طريق الرسالة ولما لاقاه من ظلم وجفاء من كفار قريش وسائر الكفار.
فالرسل والانبياء عليهم السلام على مدى التاريخ عانوا شبيه بعض ماعاناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ان ديدن اعداء الله هو الصد عن سبيل الله وايذاء رسله وانبياءه الكرام. ويخبر ربنا عزوجل ان النصر المظفر للاسلام ومهما تعددت مؤامرات الكفار واتسعت فان الغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين. غير انه لابد من القول ان الانسان حر ومختار في اختيار الطريق الذي يريد المضي فيه. قال تعالى: انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا.
وانطلاقا من هذا فان من الناس من راح يسير في طريق الكفر والضلال والتيه. لقد ابى هؤلاء ان يقبلوا الحق ويسلموا به.
ويستفاد من نص الآية المفسرة ما يأتي:
- ان الحق والباطل في صراع مستمر على مدى التاريخ.
- ان العناد والمعصية والاثم هي مصاديق الاجرام التي تبعد الناس عن سبيل الانبياء عليهم السلام.
- لمواجهة اعداء الدين لابد من الاتكاء على القيم والمبادئ الدينية والتوكل على الله جل جلاله. قال تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه. صدق الله العلي العظيم.
ولنستمع الآن احبة القرآن الى ترتيل الآيتين الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين من سورة الفرقان المباركة:
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴿٣٢﴾
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴿٣٣﴾
من الحجج والذرائع الواهية التي تشدق بها الكفار في عصر الرسالة قولهم لمَ لم ينزل القرآن باكمله دفعة واحدة ولمَ نزل آيات و آيات؟
والحقيقة ان الله سبحانه هو اعلم بالامور من خلقه وان علمه وحكمته اقتضيا ان ينزل القرآن الكريم في عدة ازمان وامكنة.
فتعاقب نزول الآيات متناسب مع الظروف والوقائع والاحداث.
ومن هنا يلاحظ كذلك ان القرآن الكريم تنقسم سوره الشريفة الى مكية ومدنية، فالاولى هي النازلة في مكة والثانية هي النازلة في المدينة.
نعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخلال بعثته المباركة وعلى مدى ثلاثة وعشرين عاما كان على اتصال بوحي السماء وهذا الاتصال بالفيض الالهي كان له خير ناصر ومعين قبال مكائد الاعداء وتآمر الكفار.
واما الدروس المستفادة من النص المفسر فهي:
- لابد من ان يدرس القرآن واحكام الدين بشكل تدريجي اذ في هذا استيعاب افضل لآياته ومفاهيمه.
- ان الدين في احكامه لابد ان يتابع الاحداث زمانيا ومكانيا وذلك هو الدين الحي.
- ان تلاوة القرآن الكريم لابد ان تكون بتأني لا بتسارع.
- ان في تلاوة القرآن المجيد حياة الروح، وروح الحياة فيها هدوء النفس واطمئنانها.
- ان القرآن وهو كلام الله سبحانه وتعالى هو افضل الحديث وليس لحديث ان يرقى الى القرآن فهو يعلو ولا يعلى عليه.
وآخر آية نفسرها هنا هي الآية الرابعة والثلاثين من سورة الفرقان العطرة:
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٣٤﴾
ان الانسان خلق ليعمل في هذه الدنيا وينال جزاء عمله في الآخرة؛ ان خيراً فخير وان شراً فشر.
ان الباري تبارك وتعالى جعل الجنة للمؤمنين ثواباً وجعل النار للكافرين عقاباً، وما ربك بظلام للعبيد.
ان القرآن الكريم يبين لنا ان من كان في الدنيا اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلا، وليس المراد هنا العمى الظاهري وفقدان البصر. انه فقدان البصيرة والهداية. فمن كان في الدنيا ضالاً ليس له في الآخرة من رشاد.
وفي الآية المفسرة دروس عديدة نشير الى اثنين منها هنا:
- من حقر في الدنيا مؤمناً يلاقي الهوان يوم القيامة.
- لابد من معرفة الحق والباطل حتى يسير الانسان في طريق الحق وينأى عن طريق الباطل.
اعرف الحق تعرف اهله واعرف الباطل تعرف اهله.
جعلنا الله تعالى واياكم من المستضيئين بانوار الاسلام المبين الوضاء ومن المستمسكين بشريعة سيد المرسلين وخاتمهم صلوات الله عليه وآله وعليهم اجمعين. آمين يارب العالمين.