بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وأفضل السفراء المقربين سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
حضرات المستمعين الأكارم السلام عليكم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" حيث نقدم تفسيراً لآيات من سورة الفرقان من الآية 17 حتى الآية الـ 20 ونبدأ بالإستماع الى تلاوة الآيتين الـ 17 والـ 18:
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾
قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨﴾
أعزاءنا، في الحلقة السابقة مرت علينا آيات كريمات تحدثت حول الثواب والعقاب في الآخرة الثواب للمؤمنين والعقاب للكافرين.
وفي هذا النص إشارة الى أن الباري تبارك وتعالى يحضر يوم القيامة في محكمة العدل الإلهي من اتخذهم الناس أرباباً من دون الله مثل الجان والملائكة والمسيح عيسى بن مريم (ع) حيث يسألهم الله هل أنتم دعوتم الناس إلى عبادتكم فيردون بالنفي الصادق ولسان حالهم يقول "سبحانك لا إله إلا أنت".
ونظير هذا السؤال يوجهه الله عزوجل يوم القيامة الى عيسى بن مريم، كما هو منطوق الآية السادسة عشرة من بعد المئة من سورة المائدة المباركة.
وفي سياق النص المفسر ما يؤشر الى نسيان الإنسان ذكر الله المتعال حينما يعيش النعمة والرخاء، فالذين تؤسرهم الحياة الدنيا ويطيب لهم لذائذها ينسون الله والعياذ بالله، إن هؤلاء نسوا الله فأنساهم أنفسهم ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
وإليكم الدروس المستفادة من هذا النص فمنها:
- إن من يعبدهم المشركون في الدنيا من دون الله، يتبرأون من المشركين في الآخرة.
- إن إفاضة النعم على الإنسان في الدنيا ليس دليلاً على قربه من الله فنعم الله مفاضة على الخلق أجمعين حتى الكفار منهم والمشركين.
والآن نستمع الى تلاوة الآية التاسعة عشرة من سورة الفرقان:
فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴿١٩﴾
بعد أن تتضح الحجة على الكافرين والمشركين في محكمة العدل الإلهي يوم القيامة ويتبين أن عبادتهم لكل شيء من دون الله ناتجة من عبادتهم لأهوائهم واستجابتهم لنداء شهواتهم غير المشروعة، إثر ذلك يتضح أن الكفار بشركهم وكفرهم ظلموا أنفسهم وظلموا الأنبياء والمرسلين بادعائهم أنهم – عليهم السلام – هم الذين دعوهم لعبادتهم من دون الله، وبذلك يتضح استحقاقهم للعذاب الأليم.
والمستفاد من النص المفسر ما يلي:
- إن المشركين في الدنيا لهم أليم العذاب في الآخرة وكل نفس بما كسبت رهينة.
- إن الشرك من مصاديق الظلم والمشرك ظالم.
وآخر آية نفسرها في هذه الحلقة هي الآية العشرين من سورة الفرقان المباركة:
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴿٢٠﴾
إن عقلية الكفار والمشركين عقلية ضيقة ومن هنا فتصورهم تجاه الأنبياء والرسل الكرام (ع) تصور جد خاطئ، إنهم يتصورون أن النبي أو الرسول الإلهي فوق الناس من الناحية المادية يعيش كما يعيش الملوك ومن حوله الخدم والحشم أو أنه من الملائكة.
والحقيقة أن السفراء الربانيين هم من الناس وهم الصفوة المختارة منهم لكنهم (ع) يعيشون كسائر الناس لا في طبقية ولا في امتيازات مادية وأنهم يموتون كسائر الناس ويحشرون معهم يوم الحشر الأكبر والأمر يومئذ لله الواحد الأحد.
إن الأنبياء والرسل العظام هم معلمو البشرية والهادون للبرية يهدونها الى طريق الحق والصواب والرشاد.
وتاريخ الأنبياء (ع) جميعاً خير دليل على أنهم (ع) من لدن آدم حتى النبي الخاتم (ص) عاشوا بتواضع بين الناس وكانوا بينهم كأحدهم.
والآن نسجل أبرز الدروس المستقاة من النص المفسر:
- إن جميع الأنبياء (ع) جاءوا لصلاح الإنسانية وفلاحها ونجاحها والتاريخ شاهد على ذلك.
- إن الإنسان موضوع على الدوام في بوتقة الإختبار والتربية الإلهية وفي هذا الإختبار الإلهي، ما أجدر بالإنسان أن يتحلى بحلة الصبر ويعلو منصة الثبات والإستقامة، فالله تعالى مع الصابرين وخطابه جل شأنه دوماً فاستقم كما أمرت.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الصابرين الثابتين يوم تزل الأقدام ويوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم والحمد لله رب العالمين.