بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الكرام وأهلاً بكم في حلقة هذا اليوم من برنامج نهج الحياة، حيث نبدأ تفسيراً موجزاً لسورة أخرى من سور القرآن الكريم هي سورة الفرقان المباركة وعدد آياتها 77 آية.
والفرقان من أسماء الكتاب الكريم والمراد بالفرقان ما فيه التمييز بين الحق والباطل.
ومن بعد هذه المقدمة ندعوكم الى استماع تلاوة الآية الأولى من هذه السورة:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴿١﴾
إن الوجود المبارك هو الوجود الذي يكون دوماً منشأ الخيرات للآخرين ونعمة لا تنقطع ولا تزول أبداً.
ومن مصاديق هذا المفهوم القيم هو القرآن الكريم، القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى على رسوله (ص) رحمة للعالمين.
منافع القرآن وفوائده لا تختص بزمان نزوله، بل هي لكل البشرية والبرية في كل آن ومكان.
وببركة القرآن الكريم وأنواره الساطعة اهتدى على مدى قرون من عمر التاريخ الناس الى الحق والصواب، إن الله تعالى يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم إن هذا القرآن يدهي للتي هي أقوم".
إن تمييز الحق عن الباطل ليس بالأمر اليسير حتى وإن استفاد الإنسان من عقله إذ قد تتدخل أميال النفس في حرف مسار التفكير فيخطئ الإنسان في تشخيص الحق والباطل.
أما القرآن الكريم فهو خير معين لمعرفة الحق والباطل لإنه كما قال مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) الناصح الذي لا يغشى والمحدث الذي لا يكذب.
ولا ريب ولا شك في أن القرآن هو دعوة الله للعالمين لا فرق بين زمان وزمان ومكان ومكان، لأنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من لدن عليم حكيم.
والمستفاد من الآية الأولى من سورة الفرقان ما يلي:
- القرآن كتاب مبارك أنزله الله تعالى وهو عزوجل مصدر كل خير وبركة.
- لإن آيات القرآن الكريم هي منار الحق وهي التي تعرفنا الحق من الباطل، حيث يتبع الإنسان الحق ويجتنب الباطل.
- إن رسالة النبي الأكرم (ص) رسالة للخلق كافة وبعثته المباركة هي رحمة للعالمين.
ويقول تعالى في الآية الثانية من سورة الفرقان:
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴿٢﴾
إذا كانت الآية الأولى تحدثت حول نعمة القرآن والرسالة الخاتمة فإن الآية الثانية تشير الى نعمة الخلق وإفاضة النعم الإلهية على البشرية.
نعم إن الله تعالى شأنه وضع للإنسان نظاماً تشريعياً ونظاماً تكوينياً، وما بين النظامين تناسق وانسجام كاملين ولا تضاد ولا تناقض بين الإثنين.
إن الله سبحانه هو الخالق لهذا الكون خلقه بحكمة وتدبر وإرادته نافذة في الكون ومافيه له الأول والآخر وهو على كل شيء قدير، لا شريك له وليس كمثله شيء ذوالجلال والإكرام.
إن الله واحد أحد فرد صمد ليس له صاحبة ولا ولد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد بديع السموات والأرضين وخالق الإنس والجن أجمعين.
وإليكم بعض الدروس المستفادة من الآية:
- إن إرادة الله تعالى شأنه هي لوحدها نافذة في هذا الوجود الكون.
- أزمة الأمور طراً بيده سبحانه والكل مستمدة من مدده.
- إن هذا الكون بكل ما فيه لم يأت اعتباطاً ولا صدفة، إن من خلق الله عن حكمة وتدبير تسيره قوانين وأنظمة ها هو الإنسان يصل الى ما يتعرف به الى بعض أسرارها المذهلة كلما تطور في مجال العلوم الطبيعية.
وآخر آية نفسرها في حلقة هذا اليوم هي الآية الثالثة من سورة الفرقان حيث يقول جل شأنه:
وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴿٣﴾
تتحدث هذه الآية المباركة حول الشرك في العبادة وعبادة الأصنام والأوثان من دون الله، إنها آلهة مزينة لا تنفع ولا تضر ولا تملك من أمرها وأمر الآخرين شيئاً.
أجل إن الآلهة المجعولة من دون الله عزوجل لا تهب الحياة للإنسان ولا تسلب الحياة عنه، ذلك ان هذا الأمر هو من أمر الله تباركت أسماؤه، فهو عز اسمه يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ومن الطبيعي أن الشرك إن وجد يحول دون تنور النفس بنور الإيمان ويزيد من الحجب ما بين العبد ورب الأرباب.
والآن الى الدروس المستقاة من الآية الثالثة من سورة الفرقان فهي كالتالي:
- إن القرآن حين يواجه عقيدة الشرك يسلك طريقة المنطق والمنهج الإستدلالي.
- تدبير كل شيء بيد الله وليس لأحد أن يتوازى في قدرته مع قدرة الله تعالى.
- إن من لا ينفع ولا يضر هي الأصنام والمعبودات من دون الله.
أما ربنا جلت آلاؤه هو منشأ الخير والبركة للإنسان وكل الكائنات.
جعلنا الله وإياكم من السائرين على خط التوحيد والقائلين على الدوام لا إله إلا الله محمد رسول الله آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وقد جاءتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
أنتم في الحلقة القادمة إن شاء الله على موعد مع تفسير آيات أخرى من سورة الفرقان... الى اللقاء والسلام خير ختام.