بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله المنتجبين أئمة الهدى وأعلام الورى وحجج الله على الخلق أجمعين.
أسعد الله أوقاتكم بالخير حضرات المستمعين وأهلاً بكم في حلقة هذا اليوم من برنامج [نهج الحياة].
أول آية نفسرها في هذه الحلقة الآية الثانية والستين من سورة النور ولنستمع الى تلاوتها أولاً:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٦٢﴾
في هذه الآية إرشاد الى المسلمين بلزوم إطاعة الرسول (ص) وعدم القيام بعمل من دون إذنه (ص).
ومن الأمور التي تحدثت الآية حولها اتباع الرسول (ص) وعدم الإفتراق عن جماعته.
وقد يسأل البعض فيقول هل الآية خاصة بزمان الرسول (ص)؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقول لا، حيث أن تخصيص المورد لا يجعله خاصاً بفرد أو زمن بل ان طاعة الإمام العادل الذي هو في مقام خلافة النبي (ص) أمر واجب.
ومما لا شك فيه أن أئمة الدين يتعاملون مع كل الأمور على أساس العدل والحق وان عملهم يصب في مجرى المصلحة العامة لا الخاصة. وان المفسرين حين يصلون الى هذه الآية يذكرون قصة حنظلة، المشهور في التاريخ بغسيل الملائكة، فقد ورد في التاريخ أن حنظلة هذا صادفت ليلة زفافه مع الليلة التي سبقت حركة المسلمين الى أحد.
وطلب من النبي (ص) أن يأذن له في البقاء الى جانب عروسه ليلة الزفاف على أن يلتحق صباح الغد بجيش المسلمين، وأذن له النبي (ص) بذلك وفي الصباح وعلى عجل توجه حنظلة الى ميدان الحرب ونال الشهادة في أحد، فقال النبي (ص) إن الملائكة غسلت حنظلة وحملته الى الجنة.
واليكم الدروس المأخوذة من الآية فهي:
- إن من علائم الإيمان رعاية الضبط والنظام.
- لابد من التشاور مع الآخرين في أمهات الأمور وعدم الإستبداد بالرأي.
- يجب على المجتمع إطاعة القائد والعمل بأوامره.
- على القائد الإسلامي أن يكون للناس قدوة وان يرفق بالناس ويقبل اعتذارهم وأعذارهم.
ولنستمع الى تلاوة الآيتين الـ 63 و64 من سورة النور حيث يقول تعالى شأنه:
لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦٣﴾
أَلَا إِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۗ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٦٤﴾
إن طاعة الرسول (ص) هي من طاعة الله جل شأنه ومن لا يطع الرسول فله الخسران المبين في الدنيا والآخرة.
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
إن المؤمن الحقيقي هو الذي يسير على خط الرسالة وينهج المنهج الإلهي وعلى الإنسان ان يعلم أن الله تعالى عالم بكل شيء لا تخفى عليه خافية وان طاعة الله وطاعة رسوله واجبة ولا سبيل للهروب من أمر الله تعالى.
وواضح أن آخر آية في سورة النور تؤكد على أن الله تعالى عليم حكيم يعلم ما في السموات وما في الأرض.
ويخطئ من يتصور أن الله لا علم له بكل الأمور، فهو الخالق العليم المتعال مليك السموات والأرضين له الأول والآخر وانه سبحانه على كل شيء قدير.
ان الإنسان فيما يعي جيداً ان الله يعلم كل شيء يكون هذا الوعي حاجزاً دون ارتكاب المعاصي وإتيان الآثام.
وأما الآن فلنستمع الى الدروس المستفادة من النص المفسر فهي ثلاثة:
- إن الرسل والأنبياء والأولياء هم عباد الله الصالحين وهم الصفوة المختارة من العالمين طاعتهم واجبة واحترامهم واجب انهم ذوات مقدسة في المجتمع الإنساني وقدوة للناس.
- إن سعادة الدنيا والآخرة والفلاح والنجاح فيهما يتحققان من خلال طاعة الله ورسله وأوليائه.
- إن الإيمان بأن الله يعلم كل شيء يصدن الإنسان من الوقوع في الخطايا والزلات.
هكذا حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا بحمد الله ومنته الى نهاية تفسير سورة النور واعتباراً من الحلقة القادمة سنبدأ تفسير آيات سورة الفرقان المباركة.
نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن نور قلوبنا ونبراس حياتنا ويوفقنا لما يحب ويرضى إنه خير مسؤول ومجيب والحمد لله رب العالمين.