بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اهل بيته الطاهرين.
سلام من الله عليكم حضرات المستمعين واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة اعزاءنا آيات اخرى من سورة النور نفسرها لكم في هذه الدقائق ونبدا بالآيتين التاسعة والثلاثين والاربعين حيث يقول تعالى:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّـهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿٣٩﴾
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴿٤٠﴾
ياتي هذا النص ليقارن ما بين الكفار والمؤمنين، وتوضح الآيتان ان عمل الكفار ليس لها من ثمر الا السراب الذي ينظره الانسان من بعيد فيحسبه ماءاً وما هو بماء.
اما اعمال المؤمن فمآلها الى لذيذ الثمار المعنوية والمادية في الدنيا، وفي الآخرة له جنة المأوى بينما للكافرين مأوى الجحيم.
ان الكفار في ظلمات يعمهون وفي الشرك يتخبطون وفي الضلالة يتيهون، اما المؤمنون فتشع عليهم انوار الهداية الصمدانية، نور من فوق نور. انهم في هالة من نور وسرور. ان حال الكفار كما يوصفه هذا النص هو حال الظمآن في الصحراء يلهث وراء الماء لإطفاء نار عطشه وما يجده الا سراباً، والكافر كمن غرق في لجج البحر لا يرى من حوله الا الظلام ومن بعد ان يلفّه ذلك الظّلام الحالك تتقاذفه الامواج ذات اليمين وذات الشمال. واليكم الآن ما في النص من دروس:
- ان ظاهر اعمال الكفار برّاق لكن بواطن اعمالهم قبيحة سوداء لابريق لها.
- ان اعمال الكفار تجعل من حولهم اطواق من الظلام تتزايد كلما ازداد كفرهم وغيّهم.
- ان صدر من الكافر عمل حسن فهو كالسراب لا ثمرة فيه.
- ان نور العلم والعقل لا يقوى لوحده على انقاذ الانسان من المهالك، ولابد ان يقرن بطاعة الايمان.
ويقول سبحانه في الآيتين الحادية والاربعين والثانية والاربعين من سورة النور المباركة:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٤١﴾ وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ﴿٤٢﴾
في هذا النص الشريف اشارة الى ان الله عزوجل ليس بحاجة الى عبادة الناس وطاعتهم. وفي الآية ما يوحى الى ان كل ما في الوجود يسبح الله ويحمده حتى الطير في السماء والحوت في اعماق الماء.
نعم ان كل شيء يحمد الله ويسبحه لأنه يعلم ان الله خالقه. والانبياء والاولياء صلوات الله عليهم لهم القدرة على فهم هذا التسبيح. وفي هذا النص من الدلالة على ان تسبيح الطير والموجودات آت عن شعور لا قهراً.
وفي الآيتين ما هو تساؤل ضمني للانسان كيف نسي ربه لايحمده ولايسبحه، وكل ما في الكون حامد لله ومسبح.
ان الله تعالى شأنه افاض على الانسان كل هذه النعم. لكن الانسان ظلوم كفار.
واليكم الآن مافي النص من دروس فهي:
- كل الموجودات ذات شعور وادراك وكلها تنزه الله جل وعلا وتسبحه ولاينبغي ان يرى الانسان نفسه اعلى من هذه الموجودات.
- ان الصلاة والدعاء امران محمودان ولابد ان يكونا عن وعي وادراك.
- ان لهذا الكون حاكم هو الخالق المتعال، الله جل شأنه، وان للكون هدف يسير نحوه. فلم تخلق الارض والسماء لعباً، بل لحكمة الهية وكذلك سائر المخلوقات خلقها الباري العظيم على اساس الحكمة. قال عز من قائل:
افحسبتم انما خلقناكم عبثاً وانكم الينا لا ترجعون.
حضرات المستمعين الاكارم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج: نهج الحياة. نشكر لكم حسن الاصغاء، الى اللقاء والسلام خير ختام.