بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
حضرات المستمعين الاكارم السلام عليكم واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج: نهج الحياة.
اعزاءنا مرّ عليكم حتى الان تفسير الآيات الخمس الاولى من سورة النور المباركة، وفي هذه الحلقة تفسير آيات اخرى منها ونبدا بالآيات من السادسة حتى العاشرة:
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٦﴾
وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّـهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٧﴾
وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٨﴾
وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّـهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٩﴾
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴿١٠﴾
لقد مرّ علينا في الحلقة السابقة ان الشارع المقدس وضع عقوبات لجرائم تمس العفاف والحياء في المجتمع ومن ذلك الزنا وذكرنا ان للزنا حدين هما الجلد مئة جلدة والرجم والثاني للمحصن، لكن الزنا يثبت باربعة شهود او اربعة اقارير ومن اتهم احد بالزنا ولم يقم البينة يقام عليه حد القذف وهو ثمانون جلدة، لكن اذا اتهم الزوج زوجته بالزنا فانه يثبت في هذه الحالة بشهادته بوحده. ويقسم بالله اربعاً انه رأى زوجته على تلك الحال ويقول ان كنت كاذباً انزل الله لعنته عليّ. وللزوجة الدفاع عن نفسها بان تقسم خمساً وتقول اقسم بالله ان زوجي لكاذب هنا وان كنت انا كاذبةً في قسمي فعلي لعنة الله، فان اقسم كلاهما بهذه الصيغة يدرأ عنهما حد القذف وحد الزنا. لكن لابد ان يفترقا من دون طلاق وليس لهما ان يعودا زوجين من بعد ذلك.
وبشكل عام فان طرق الثبات الدعاوي في الشرع الشريف اما البينة او الاقرار او القسم. يضاف اليها علم القاضي كما فصلت الحديث عن ذلك الكتب الفقهية.
ومايستفاد من هذه النصوص الشريفة، التالي:
- ان اقرار الزوج او الزوجة لاحاجة معه الى شهود، ولعل هذا لحفظ ماء الوجه.
- ان القسم بالله تعالى ان كان بصدق مكروه وان كان بكذب فحرام الا انه من طرق الثبات او نفي اي ادعاء. لان الحديث الشريف يقول: البينة على من ادعى واليمين على من انكر.
- ان للقسم قداسته والقرآن يقول: ولاتجعلوا الله عرضة لايمانكم.
ولنستمع الى الآية الحادية عشرة من سورة النور الزاكية:
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١﴾
ان هذه الآية تتحدث حول حديث الافك المعروف في الكتب التاريخية وجاء فيها ما ملخصه ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اصطحب عائشة زوجته معه في سفر له وحين الرجوع افترقت عائشة عن القافلة لحاجة ومن بعد ذلك الحقها احد الاصحاب بالقافلة. الا ان البعض من دنيئي الطبع اتهموا عائشة والصحابي بما لا يوجد فيهما وبما لم يرتكباه، وشاع خبر التهمة بين الناس ونزلت هذه الآية لتبرئ المتهمين ولتفضح المنافقين الذين يقولون غير الحق.
وان رأس المنافقين عبد الله ابن ابيّ وكان يهودياً ثم اسلم هو الذي اشاع هذه التهمة وان له لعذاب اليم.
ويعلمنا النص على مايلي:
- ان المنافقين من اعداء الاسلام وانهم يوجهون سهام عداءهم من داخل الكيان الاسلامي.
- في المعاصي المرتكبة بشكل جماعي لكل شخص عقابه، ومن كان جرمه اكبر كان عقابه اشد ولايظلم احداً.
ويقول تعالى شانه في الآيات الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة من سورة النور الشريفة:
لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ﴿١٢﴾
لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَـٰئِكَ عِندَ اللَّـهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴿١٣﴾
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٤﴾
في هذا النص اشارة الى لزوم ان لا يتعجل الناس في تصديق الشائعات وان لايقبلوا للمنافقين كلاماً، لان المنافق ان تحدث كذب. ومن جهة اخرى يحسنوا الظن بالمؤمنين وان سوء الظن امر مذموم وان بعض الظن اثم.
ويتساءل القرآن لماذا لم يطلب المدعون الشهود لاثبات الاتهام وعلى اي حال ان هذا النص يحث على تجنب سوء الظن وعدم تصديق الشائعات والدفاع عن الناس الذين لم تتلوث نفوسهم بأدران الفساد اعاذنا الله واياكم منه.
والآن تعالوا لنسمع الدروس المأخوذة من هذا النص وهي اربعة:
- لابد من ابداء رد الفعل المناسب قبال الشائعات في المجتمع فلا يجوز السكوت ولا يجوز نقل وتداول الشائعات.
- ان من اتهم فرداً في المجتمع فكانما اتهم المجتمع برمته.
- ان حسن الظن هو اساس العلاقات بين المؤمنين.
- لابد في كل زمان ومكان من احترام قدسية النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم واسرته.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج: نهج الحياة الذي يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
انتم باذن الله في الحلقة القادمة على موعد مع تفسير آيات اخرى من سورة النور. الى اللقاء والسلام خير ختام.