بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
سلام من الله عليكم حضرات المستمعين وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج (نهج الحياة) حيث نتابع تفسير آيات أخرى من سورة الحج المباركة بادئين بالآية السابعة والستين منها وهي قوله تعالى:
لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ﴿٦٧﴾
نعم، حضرات المستمعين، في بدايات القرن السابع الميلادي بعث النبي (ص) رحمة للعالمين وانطلقت رسالة السماوية الغراء من مكة البطحاء.
في ذلك الوقت كان المشركون في مكة يدعون أنهم على دين إبراهيم (ع) وكان اليهود في يثرب يدعون أنهم على شريعة موسى (ع) لكن رسالة الإسلام أكمل من هاتين الرسالتين وهي الرسالة الخاتمة الشاملة، لكن الكفار رفضوها وقالوا للنبي (ص) إن كنت على شرع الله فلماذا لا تقبل بشرع موسى وإبراهيم وهذا زعمهم وهو زعم باطل فالرسول الأكرم (ص) جاء مصدقاً للرسالات التي سبقت وقد روي عنه قوله أنا دعوة أبي إبراهيم.
نعم، إن كل الأديان الإلهية تلتقي في نقطة واحدة هي التوحيد والعبودية الخالصة لله الواحد الأحد.
والمستفاد من نص الآية المفسرة ما يلي:
- إن الله تعالى جعل لكل أمة شرعاً ومنهاجاً ولم يترك الناس هملاً بل على الدوام دعاءهم إلى طريق الحق من خلال رسله وأنبيائه العظام (ع).
- إن حرية الفكر مكفولة في الإسلام لكن لا ينبغي الإنحراف عن طريق الحق والحقيقة.
- إن الهادين إلى الحق والحقيقة هم السفراء الربانيون صلوات الله عليهم أجمعين.
ولنصغي الآن إلى قوله تعالى في الآيتين الثامنة والستين والتاسعة والستين من سورة الحج:
وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿٦٨﴾
اللَّـهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿٦٩﴾
إن في هذا النص إشارة إلى أن الله جل جلاله هو الحكم الفصل بين الناس يوم القيامة وهو الحاكم العادل الذي يحكم بالعدل ويظهر الحق وأهله.
ويفيدنا النص الآتي من الدروس:
- لا بأس بالجدال إن كان من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل أما إن كان للّجاج والفساد فالأفضل تركه إذ هنا لا طائل منه ولا فائدة.
- إن الإيمان بيوم القيامة فيه تسكين لأرواح المؤمنين الذين يتعرضون في هذه الدنيا لمضايقات الكافرين.
ويقول تباركت أسماؤه في الآية السبعين من سورة الحج الكريمة:
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿٧٠﴾
تشير هذه الآية إلى أصل ومقوم أساسي في نظام الكون، أجل إن الله عزوجل هو خالق السموات والأرضين وما فيها عن الإنس والجن وسائر الكائنات وإنه تعالى شأنه علام عليم لا تخفى عليه خافية، وإن للإنسان كراماً كاتبين من ملائكة الله وكل عمل الإنسان مسجل ومدون وعلى أساس الأعمال تكون الأحكام من ثواب أو عقاب في يوم الجزاء.
وإلى الدروس المأخوذة من هذا النص فهي:
- إن الله بكل شيء عليم.
- إنه تعالى شأنه لا تخفى عليه خافية.
ويقول تعالى في الآية الحادية والسبعين من سورة الحج المباركة:
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴿٧١﴾
توضح هذه الآية أن الذين يجادلون بغير حق إنما يحملون من الأفكار ما لا يتلائم مع العقل والوحي المبين.
نعم كان كفار مكة يعبدون الأصنام ويتخذونها آلهة لهم إلا أنه ليس هناك من دليل يسوغ لهم هذه العبادة الباطلة.
إن من يشرك بالله فقد ظلم نفسه وتنكر لرسالات الأنبياء والرسل العظام دعاة التوحيد في الكون.
والمستفاد من هذا النص الآتي:
- إن الله تعالى هو الذي ينير الإنسان دروب العبادة الحقة ومن ينأى عن ذلك يقع في المهالك.
- إن من مصاديق الظلم في الحياة الإجتماعية، ظلم الإنسان لنفسه ولعل إلى هذا المعنى أشار القرآن الكريم في قوله وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا وإياكم إلى نهاية حلقة هذا اليوم من برنامج (نهج الحياة) الذي جاءكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. إلى اللقاء والسلام خير ختام.