بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم حضرات المستمعين الكرام وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، حيث لا نزال وإياكم في سورة الحج المباركة ويسرنا أن نقدم لكم في هذه الحلقة تفسيراً لآيات أخرى منها ونبدأ بالآيتين الثالثة والستين والرابعة والستين، حيث يقول جل جلاله:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴿٦٣﴾
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿٦٤﴾
أعزاءنا.. في الحلقة السابقة تعرفنا على بعض من علائم قدرة الله تعالى في الوجود ومنها إختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، ويأتي هذا النص المبارك مشيراً إلى جوانب أخرى في قدرة الخالق العظيم عزوجل.
ذلك أن نزول المطر الذي يؤدي إلى نمو النباتات ليس أمراً تصادفياً، بل أنه يقع وفقاً لقدرة الله وحكمته.
نعم.. إن المطر وهطوله هو من نعم الله على الخلق ومن ألطافه لكي تحيى الأرض ويعيش فيها الإنسان برخاء.
إن الله هو الكريم المنان وهو الذي يعطي من دون أن يأخذ، أن مواهبه تعالى شأنه على الكائنات جمة كثيرة ومن هنا فعلى الإنسان أن يحمد الله ويشكره إذ في حمده وشكره زيادة النعم، أليس الله يقول (لئن شكرتم لأزيدنكم).
ولا ريب أن الكون يدار من قبل الله تعالى شأنه فهو فيه المدبر والمهيمن هذا أول درس تفيده لنا هاتان الآيتان وأما الدرس الثاني فهو أن الله تعالى هو الغني الحميد وليس لأحد من الخلق هذه الصفة.
ويقول تعالى في الآية الخامسة والستين من سورة الحج:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٦٥﴾
إن هذه الآية تشير إلى لطف الله بخلقه، إذ سخر الله الأرض بما فيها من يابسة ومياه في البحار والمحيطات للإنسان وحياته وأهم من هذا كله وهب الله الإنسان العقل والإدراك.
وفي هذا النص إشارة إلى حقيقة علمية وهي وجود التعادل والإتزان وحفظ المسافات بين الكواكب في الكون.
إن الكواكب كل واحدة منها تدور في فلك خاص بها وهكذا تتواجد حالة التعادل والإتزان فلا يصطدم كوكب بآخر رغم قوة الجاذبية الموجودة.
وفي عودة للآية نقول أن ما نستفاد منها هو:
- إن الله سخر الأرض وثرواتها لخدمة الإنسان.
- إن الحفاظ على نظام الكون واتزانه هو من تدبير الله جل شأنه.
وآخر آية نفسرها في هذه الحلقة هي الآية السادسة والستين إذ يقول تبارك وتعالى:
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ ﴿٦٦﴾
إن الحياة والموت هما من علائم قدرة الله جل جلاله في الطبيعة، وفي الآخرة يعيد الله بقدرته الواسعة، الحياة للإنسان وسائر الكائنات، ومع كل هذه النعم الفضيلة من الرب الجليل فإن كثير من الناس من لا يشكر الله وهذا المعنى واضح من قوله تعالى (وقليل من عبادي الشكور).
والعجب كل العجب أن من الناس من ينكر الخالق وقدرته وإبداعه في خلقه رغم أن البشرية حتى اليوم ورغم كل التقدم العلمي والتكنولوجي عجزت عن خلق إنسان أو كائن حي.
ويفيدنا نص الآية الكريمة الآتي:
- إن الموت نهاية حياة الإنسان في الدنيا فقط لا في مطلق الزمان، حيث أن من بعد الموت بعث ونشور، وما بين الدنيا والآخرة حياة البرزخ، بدليل قوله تعالى (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
- إن أفضل طريق لشكر الله تعالى هو إستثمار الدنيا للآخرة، فقد ورد في الحديث الشريف (الدنيا مزرعة الآخرة).
نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا على صراطه المستقيم ويجعل عاقبة أمورنا إلى خير، إنه سميع الدعاء.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا إنتهت هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران،
إلى اللقاء والسلام خير ختام.