بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين مولى الأولين والآخرين سيدنا أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطاهرين المعصومين.
سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات، ها نحن وإياكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، ننور قلوبنا بأنوار القرآن الكريم ونستقي من معينه الصافي أحسن الحديث.. في آيات أخرى نفسرها من سورة الحج المباركة ونبدأ بالآيتين الثامنة والخمسين والتاسعة والخمسين حيث يقول تعالى:
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿٥٨﴾
لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ ۗ وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴿٥٩﴾
إن من يتأمل تاريخ صدر الإسلام يرى أن المسلمين هاجروا هجرتين؛ الأولى إلى الحبشة ولم تكن هجرة شاملة والثانية إلى يثرب وكانت الهجرة الشاملة وكانت الهجرتان تخلصاً من أذى الكفار والمشركين في مكة، وشرف النبي (ص) يثرب بقدومه المباركة فعرفت من بعد ذلك المدينة.
ومن بعد الهجرة مات من المسلمين من مات حتف أنفه واستشهد منهم في الحرب من استشهد، وكان البعض يتصور أن للشهداء فقط المنزلة عند الله فنزل هذا النص يدلنا على أن من يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله فقد وقع أجره على الله وله النعيم في الآخرة إن عاجلته المنية أو فاضت روحه في سوح الوغى.
نعم.. إن الجنة هي دار البقاء لمن ترك داره في دنيا الفناء من أجل الذود عن العقيدة الإلهية السمحاء، إن القرآن يبين لنا أن ملائكة الرحمن يكونون في استقبال ضيوف الرحمن في دار رحمته أنهم يقولون للوافدين على نعيم رب العالمين [سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار].
والمستفاد من النص المفسر:
- إن المهم هو السير في سبيل الله وليس المهم النهاية للحياة، فكل نفس ذائقة الموت فقد يموت الإنسان شهيداً أو غير شهيد.
- إن جنات النعيم هي جزاء من تورعوا عن المحرمات بسبب إيمانهم وتقواهم فما عند الله خير وأبقى.
- إن الله تعالى شأنه يمهل ولا يهمل؛ إنه يمهل الكفار عسى أن يكفوا عن كفرهم وهو مع المؤمنين الصابرين المحتسبين، ولا تحسبن الله غافل عما يفعل الكافرون.
ويقول تعالى في الآية الستين من سورة الحج:
ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴿٦٠﴾
لا ينبغي أن يتصور أحد أن الله جل جلاله يترك عباده المؤمنون هملاً في الدنيا حاشاه تعالى أنه في الحياة الدنيا نصير للمؤمنين مبير للكافرين.
إن الإسلام يحث على الوقوف بوجه التيارات الضالة والكافرة لأنه لا يريد للإنسانية الإنحراف والضلال، والحرب في الإسلام ليست لجمع الغنائم وفتح البلدان لا أنها في الحقيقة لإعلاء كلمة الله في الأرض فكلمة الله هي كلمة الحق والحق يعلو ولا يعلى عليه وأن الله يعز بنصره المؤمنين المجاهدين في سبيله، أما القاعدون الخانعون فليس لهم ناصر ولا معين.
ونذكر الدروس المستفادة من النص فهي:
- إن الدفاع عن النفس والدين والوطن، حق للإنسان وواجب يمليه القانون الإلهي عليه.
- إن العدل قيمة خالدة وعالمية وهي المعيار في كل تعامل صائب.
- إن العفو والرحمة إلى جانب العقاب والجزاء من الأخلاق الإلهية.
ويقول تعالى في الآيتين الحادية والستين والثانية والستين من سورة الحج:
ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٦١﴾
ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٦٢﴾
إن ربنا جل جلاله هو المالك لهذا الكون وما فيه وأنه القادر المتعال وأنه جلت قدرته يعز المؤمنين ويذل الكافرين، إن قدرة ربنا تبارك شأنه تتجلى في آيات طبيعية كثيرة إنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل.
إن هذا التعبير القرآني حكاية عن حركة الأرض حول محورها وحركتها حول الشمس في المنظومة الشمسية وهذه واحدة من آيات الله، إنه أقام الكون وفقاً لنظام وكل شيء عنده تعالى بمقدار.
إن الله لم يخلق الكون عبثاً بل إنه تعالى خلقه عن علم وحكمة، وخلق الخلق كذلك بعلم وحكمة وإن تدبيره في هذا الكون جار في مساري الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية فالمدبر هو الله وهو السميع العليم له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
وإليكم الدروس المأخوذة من هذا النص فهي:
- إن الوجود خير دليل على علم الله وقدرته وما أجدرنا بالتفيؤ بعلم الله وقدرته.
- إن الله هو الحق وغيره من الآلهة باطل.
- إن نصر الله حق وإن وعده الحق، وإنه ناصر المؤمنين الثابتين على المبادئ السامية.
إنه تعالى يقول [وكان حق علينا نصر المؤمنين] غفر الله لنا ولكم والسلام عليكم.